من كان يظن بأن ما يجري في وطننا من جرائم غير مسبوقة، من قتل للأقارب، وتفجيرات في المساجد والأماكن المقدسة؛ مرجعه انتقامات شخصية، فعليه الاستفاقة من ظنه ووهمه. لقد وصل الإجرام إلى هذه المستويات العالية، ليس غضبةً للحق وحميةً للدين؛ بل بتخطيط وتدبير لتشويه وتحطيم كياننا الكبير الذي تحتويه هذه الأرض المباركة، مهوى أفئدة المسلمين، وحاضنة الحرمين الشريفين، ومهد الإسلام الذي شع بالحق على أرجاء الدنيا. هذا التخطيط والتدبير إنما هو فعلٌ واستهداف واضح، غير مشكوك فيه، لتهديد وزعزعة أمن وطننا الكبير، وانتقامٌ من أبنائه الشرفاء الذين يذودون عن حماه على الحدود بأرواحهم، ومعهم إخوانهم الذين يحمون أمن هذا التراب الغالي في الداخل. وهو كذلك ترويعٌ وحقد على الأبرياء الذين أصابهم شره من المواطنين؛ من الآباء والأمهات والأقرباء. كثيراً ما يسخر بعضهم عند تحليل الحوادث الكبيرة والفواجع غير المسبوقة من نظرية المؤامرة ونسبتها إلى كل شيء. وفي هذا القول بعض الصدق، فليس من المنطق أن ينسب كل شيء إلى المؤامرة، ففي كثير من الأحيان ليست المؤامرة سبباً وجيهاً للإحباطات والمشكلات. إلا أن الأمور عندما تصل بشاعتها إلى قتل الآباء والأمهات، أو تفجير المساجد، أو ارتكاب الإجرام بالقرب من الحرم النبوي الشريف وبالقرب من الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، أو عندما تتزامن التفجيرات في توقيت قريب في القطيفوجدة والمدينة المنورة؛ فلا بد من الاستفاقة من الغفلة، والتخلص من البراءة في التفكير. المعطيات على هؤلاء الذين فجروا أنفسهم، أو الذين نفذوا تلك البشاعات الإجرامية الطاغية بحق الآمنين واضحة جلية: فكرٌ متطرف، وعقولٌ مغسولة مسيَّسة، وولاءٌ لأشخاص وكيانات إجرامية منبوذة من جماعة المسلمين، وخيانة للأهل والوطن. لقد وقع بعض أبنائنا للأسف الشديد في شرك أولئك الأعداء المتآمرين، وانغمسوا في مستنقعات تلك المؤامرة القذرة والتخطيط الحاقد؛ فما أشقَّ وأكبر مهمتنا التي تعيدهم إلى طريق النور والرشاد، وترجعهم إلى الهدى الذي يحمي الأنفس ويحفظ الحرمات، ويبعد الذين لم يقعوا في الضلال من التردي فيه! [email protected]