تواجه المملكة العربية السعودية عددًا من التحديات الاقتصادية، من أبرزها اعتماد الاقتصاد بصورة رئيسة على النفط، وارتفاع معدل البطالة، وغياب الشفافية في قياس أداء الأجهزة الحكومية، وضعف كفاءة تنفيذ المشروعات وإنجازها.. وتهدف خطة التحوّل الوطني إلى تنوّع مصادر الدخل، ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز دور الاستثمار، وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وزيادة الإنتاج، وتطوير الأداء الحكومي، وتتضمّن الخطة في مجال الخصخصة تحديد 18 قطاعًا للخصخصة محتملة، وفي الكثير من الحالات قد يعني ذلك بيع حصة صغيرة، وليست مسيطرة في الشركات المستهدفة خصخصتها، ومن المقرر أن يجري طرح ما يصل إلى 5% من شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام، وتشمل الأهداف الأخرى شركات في قطاعات التعليم، والنقل، والرعاية الصحية، والتعدين، وتضم قائمة الشركات التي جرى الإعلان عن خطط لخصخصتها البريد السعودي، والمؤسسة العامة للموانئ، وبعض وحدات الخطوط السعودية ومستشفيات حكومية وأندية سعودية، أمّا عن الإصلاحات المالية فإن الحكومة تهدف إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات في الموازنة بحلول عام 2020 عبر مزيد من انخفاض الدعم الحكومي لأسعار الطاقة، وفرض ضرائب ورسوم، فعلى سبيل المثال سيجري فرض ضريبة مضاعفة في منطقة الخليج تصل نسبتها إلى 5% بحلول العام 2018، وستجرى الرسوم التي تدفعها الشركات على العمالة الأجنبية. أمّا عن إصلاحات سوق العمل، فتهدف الحكومة إلى خلق وظائف لنحو 1.3 مليون وظيفة في القطاع الخاص على مدى الأعوام القليلة المقبلة (جريدة الحياة 14/4/2016)، ناهيك عن الصندوق السيادي، وفتح مجال السياحة ل30 مليون سائح خلال عام 2030. إن التفاؤل قد عم الغالبية العظمى من أفراد المجتمع بسبب مصادر القوة التي تمتلكها السعودية، مثل امتلاكها لاحتياطات ضخمة من المعادن مثل اليورانيوم، والذهب، والفوسفات، والبوكسات، وغيرها، ممّا لا يتم استثماره بالشكل الصحيح، وأنّه يتم بيعه على شكل خام، ناهيك عن أننا نحن مركز العالم الإسلامي وقبلة المسلمين لكننا لا نجد الاستثمار الصحيح لذلك، مثل الحج والعمرة، واستقطاب ملايين من المسلمين، وفتح مجال السياحة، ناهيك كذلك عن الموقع الجغرافي للمملكة، فهو يتوسط مختلف القارات وبإمكاننا أن نكون مصدرًا للعديد من السلع التي يمكن أن تزيد من معدلات التبادل التجاري بيننا، ومختلف الدول. إن الإصرار لدى القيادة على انطلاقة التحوّل دون تردد وفق خطط وبرامج وإعادة هيكلة الأجهزة الحكومية، واختصار بعض المجالس، وتحديد السلطات، والصلاحيات، والشفافية في الأداء، كل ذلك من شأنه أن يدعو للتفاؤل، في ظل ما كان يراه البعض من أن خطط التنمية منذ ولادتها تتضمّن برامج تنوّع مصادر الدخل، وعدم الاعتماد على النفط كمصدر للدخل، ومثل هذه البرامج كانت مدرجة ضمن جميع الخطط وهذا صحيح؛ لكن إمّا أنه لم يكتب لها التطبيق، أو أنها تميّزت بضعف التطبيق، وعدم شموليته، وكلّما ارتفع سعر النفط تراخينا عن برامج تنوّع مصادر الدخل. إن التحوّل الاقتصادي يجب أن يوازيه تحوّل قانوني. ولقد عرضنا الآراء بكل شفافية، وامتلأت مقالات الصحف بتلك الآراء، لكننا في نهاية المطاف في انتظار برامج تنفيذ الخطة لتتجلّى معها الرؤية بكل وضوح. [email protected]