رؤية 2030 وثيقة كبيرة مطولة يصعب هضمها بسهولة، وكذلك هي الوثائق المشابهة لأي دولة أو مجتمع. بل حتى على مستوى المؤسسات العامة والخاصة الكبيرة يكون الأمر كذلك. لكن ثمة انطباعا عاما توحي به الوثيقة. وهذا الانطباع يتفاوت من شخص إلى آخر، لكنه في النهاية يصب في تشكيل الوعي الشخصي لدى المتلقي إن تفاعل مع المبادرة عموما، حتى بدون الخوض في التفاصيل. انطباعي الشخصي الأول أن في مضمون الوثيقة (جدية) يُراد بثها بين الناس في هذا البلد. وتلكم محمدة كبيرة. لا بد أن يتصف كل منا بالجدية حتى يكون له نصيب في المسيرة المقبلة. طبعا قد يكون هذا المصطلح فضفاضا واسعا، لكن لا أحسب أن من الصعب تحديد أطره وأشكاله خاصة فيما يتعلق بالعمل والإنتاجية والأداء، أو التعليم والتعلم وغيرها من ميادين العمل الكثيرة. وليكن التعليم لنا مثلا! الجدية في العملية التعليمية، -كما تعلم- يا سمو الأمير محمد، صفة مفقودة! قلة هم الجادون لأسباب شتى، منها ما هو عائد للمحيط العام الذي يصفق للراحة والكسل و(كثرة الإجازات)، وفي الوقت نفسه لا يتردد في المطالبة بالدرجات والتقديرات العلا. ومنها ما هو عائد لغياب معايير جادة لتقويم الأداء، ولحسن اختيار العاملين في الميدان التربوي ابتداء. الجدية المأمولة أن لا تضيع الأوقات في التافه من الأعمال، كأن يراجع المواطن نفس الموظف عدة أيام ليقضي حاجة يُفترض أن تُقضى في لحظات. الجدية هي المدخل لمعظم المحامد والفضائل الأخرى. وحيثما التقيت الفرد الجاد، فلا تفرط فيه موظفا أو صديقا أو شريكا أو حتى عدوا لأنه سيريك من عيوبك الكثير. ولأن الوثيقة توحي بجدية بالغة، فإن صاحبها وبطلها يوحي كذلك سمته وقوله ورأيه بجدية بالغة تنعكس حتما على كل من حوله من عاملين ومفكرين ومخططين. الجدية هي أولى درجات السلم الذي يرتفع بصاحبه نحو النجاح والمجد. وكذلك هم مواطنو الدول المتقدمة تراهم جادون في حياتهم العملية، فبذلك يرتفع بها شأن الوطن وتقوى شوكته ويستقيم أمره ويسعد أبناؤه وبناته. [email protected]