انضمّ الكاتب مشعل السديري لفريق المُحرِّفين لتاريخ الخليفة العبّاسي هارون الرشيد!. زعم عنه في مقاله «إنّ لله في خلقه شؤونًا» المنشور بجريدة الشرق الأوسط بتاريخ 8 جمادى الآخرة، أنه كان يأمر بجلْب الكرز من لبنان للعراق، بربط كلّ عشر حبّات منه في قدمي حمامة زاجلة، ليستمتع بأكله وسط غناء المُطربين ورقص المحظيّات المُختارات على «الفرّازة»!. أنا أعتقد أنّ مِشعلًا وفي سبيل أن يُقال عنه أنه كاتب ساخر، وأنه يُضْحِك حتى طُوب الأرض، كَتَبَ ما كَتَبَ بلا تثبّت ولا ترو، وهارون الرشيد حسب أصدق الكتب كان عكس ذلك، وكان من عظماء الأمّة الذين طأطأ الرومُ رؤوسهم له، وكان نبيلًا حشيمًا ذا حجّ وجهاد وغزو وشجاعة ومجالس علم ورأي، وأعداؤه هم الذين صوّروه بصورة شارب الخمر وعاشق الطرب والجواري، والكرز، وهم في ذلك واهُون ومُفتَرُون!. وجلْب حبّات الكرز مربوطًا بأقدام الحمام لا يُصدَّق علميًا، وأستغرب أن يُورده مشعل بهذه السطحية، فعشر حبّات كرز هي ثقيلة الوزن مُقارنةً بجسم الحمامة ولا تستطيع حملها، والحمام الزاجل معروف بحمل الورق الخفيف، والمسافة بين لبنان والعراق هي مئات الأميال وتُعتبر كافية لإتلاف الكرز بسبب حرارة الشمس والتراب والمطر، ولو فلح الحمام الزاجل في حمله طيلة المسافة لربّما أكله في الطريق من الجوع، فقليلًا من الإنصاف نحو الخليفة الذي كان يُخاطب السحب كي تُمطر حيث تشاء لعلمه أنّ خراجها من كنوز وأموال سيأتيه لا كرزًا ولو كان شهيًا!. وعنوان مقال مشعل هو «إنّ لله في خلقه شؤونًا»، وحقًا: إنّ لله في خلقه من بعض الكُتّاب شؤونًا قد ابتدعوها وما أنزل الله بها من سلطان!. @T_algashgari [email protected]