- (9',3,6,2).... هذه ليست أرقاماً إنجليزية عزيزي القارئ، بل هي حروف يستخدمها الكثير من الشباب اليوم لكتابة الكلمات العربية في المحادثات والتغريدات والرسائل. فهل هذا طبيعي؟ مشاهد الطوابير المكتظّة بالنساء والرجال والاطفال في المعرضين الدوليين للكتاب، اللذين أقيما في جدة والرياض، وتزايد مبادرات غرس ثقافة القراءة، مؤشرات رائعة تبهج الفؤاد. وفي ظلّ هذا الاهتمام - المبشّر، هناك أمرٌ آخر جدير بالأهمية ، لاينفكّ عن القراءة ودورها في التحول المعرفي وبناء الحضارة والأجيال، وهو تشجيع الكتابة. إن نتاجات الكاتب هي استلهامات مايقرأ، وهي انعكاس لما في جعبته من مخزون فكري ناتج عن القراءة. وكما لابدّ أن نصنع مجتمعاً قارئاً، يجب علينا أن نثريه بممارسة الكتابة، التي ماهي إلا امتداد ناضج وعميق للقراءة. الأدب العربي يحتاج لجيل كاتب وأعمال أدبية تجذب مختلف الفئات العمرية، فنحن في طفولتنا (كنا جزءاً من المغامرات التي قرأنا عنها في «حكايات نارنيا» لسي. إس. لويس و «هاري بوتر» لجيه كيه رولنغ) كما تعبّر الكاتبة دبي بالهول في مقالها بصحيفة البيان الاماراتية. وقد لا نستغرب محدوديّة الكتّاب الجيّدين في مجتمعاتنا العربية مقارنة بالمجتمعات الاخرى إذا علمنا أنه لا توجد حصص تعليمية خاصة بالكتابة في مدارسنا ، ولا يعد من شروط القبول في جامعاتنا أن يكتب الطالب خطابات شخصية يعبّر بها عن تطلعاته، ولا توجد ورشات منتشرة لتعليم تقنيات الكتابة وتحسينها. هذه ليست محاولة سلبية للمقارنة ،أبداً، ولكنها رغبة بتحفيز الجهود ولفت الاهتمام لتطوير المواهب الكتابية الناشئة-قبل أن تنخمد، وإكساب مهارات الكتابة لعموم المجتمع. زرت مؤخراً منظومة ابداعية اسمها تكوين، تأسست حديثاً بالكويت، وهي منصّة مكرّسة لغرض تشجيع الكتابة ، تقدّم ورشات عمل مختلفة وتعمل على إصدار كتب متخصصة عن الكتابة. خلال زيارتي امتلأت بالسعادة عندما وجدت الابداع والبساطة في أدق تفاصيل المكتبة التي هي مقرّ المنظومة. ومن جميل الصّدف لقائي بمؤسّس هذا المشروع الروائية بثينة العيسى التي كانت تدير المكتبة بنفسها ونصحتني -عندما شعرت باستعجالي- «لا أحب الذين يقتنون الكتب بسرعة، اجلس واقرأ» والحقيقة إن جوّ المكان كان مغرياً للاستمتاع بالقراءة فيه. ما أريد أن أقوله هو أن هذه التجربة جديرة بالاستنساخ والتطبيق في كل منطقة ومدينة لدينا، جنباً إلى جنب مع الكثير مما يمكننا فعله لدعم الكتابة. *** وقفة: وطّد علاقتك باللغة، اكتب بها بحفاوة، استخدم حروفها، ولا تخلطها بما يشوبها...اكتب بلغة ، واحذر اللا-لُغة. [email protected]