أوصى فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المسلمين بتقوى الله تعالى وطاعته ومراقبته في السر والنجوى، مبينًا بأنه حقيقا على من اتقى الله أن يعلم أنه سوف يأتي يوم تركع في الرجال وتنسف فيه الجبال وتترادف فيه الأهوال وتكشف فيه السرائر وتتضح فيه الضمائر مستشهداً بقول الله تعالى // يا أيها الذين آمنوا اتقو الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون // ما يصيب المسلمون من رزايا وبلايا ماهي إلا سياطاً تسوقهم إلى الإيمان والتوحيد وتدفعهم إلى التقوى والخوف من يوم الوعيد . وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض " أيها المؤمنون لقد طغت المادة على الناس وأثرت عليهم حتى استوحشت النفوس وقست القلوب وليست الحياة بالقوة ولاكثرة المال ولكن الحياة بالإيمان ،الإيمان سبب الأمن والأمان ،وان خواء النفوس من الإيمان سبباً للخوف والهلع والجزع والاضطراب، مستشهداً بقول الله تعالى // أومن كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها // وإذا امتلأ القلب إيماناً عرف الإنسان ملجأه ومأله ودواءه وعلاجه، إن الحياة فطرت على كدر وقلما يسلم أحد من الخطر من هموم وغموم ولكن الله سبحانه وتعالى من فضله ورحمته ولطفه أن جعل للناس باباً يتنفسون من خلاله ألا هو الدعاء، دعاء الله والالتجاء إليه والإنطراح بين يديه ملاذ الخائفين وملجأ المضطرين وسلوى الداعين، مستشهد بقول الله تعالى // أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء // الدعاء رافع للبلاء مزيل للشقاء، قال تعالي // وادعو ربي عسى أن لا أكون بدعاء ربي شقيا // فكم من مصيبة ارتفعت بالدعاء وكم رحمة استجلبت بالدعاء وكم من ذنب عفر بالدعاء، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم // لايغني حذر من قدر و الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيقابله الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامه// الدعاء قربة الأنبياء لايهلك مع الدعاء أحد ولا يخيب الله رجاء أحد ، والآيات في هذا كثيرة تقارب ثلاث مائه آية فيامن أرهقته الديون والأمراض أين أنت من دعاء الله، ويامن أرهقته الذنوب والمعاصي والهموم أين أنت من دعاء الله . وذكّر فضيلته المؤمنون بآداب الدعاء وأحكامه فحري بالمسلم معرفتها ليتأدب مع الله سبحانه وتعالى فمن اعظمها وأهمها وأساسها هو توحيد الله سبحانه وتعالى، فالدعاء والاستعانه والاستغاثه والرجاء إنما هو لله سبحانه وتعالى لأن هذا هو الحق الخالص لله على العبد لأن الله لاتأخذه سنة ولانوم يسمع دعانا ويسمع كلامنا بأي لسان وبأي كلام ولذا صار الدعاء هو العبادة، يقول الله سبحانه وتعالى // هو الحي لا اله الا هو فادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون // إن المتتبع لدعاء الانبياء يجد أن دعائهم إنما هو بالتوحيد ،فهذا يونس عليه السلام // وذأ النون إذ ذهب مغاضبا ويظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين // فاستجاب الله له بسبب دعائه . وأضاف فضيلته أن من هذه الآداب أيضًا إذا أراد المسلم أن يدعو ربه فعليه أن يبدأ دعاءه بحمد الله والثناء عليه ودعائه باسمائه الحسنى وصفاته العلى // ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه // وكذلك نصلي ونسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأن يكون على طهارة مستقبلاً القبلة ملحاً بالدعاء رافعاً يديه الى السماء فإن ذلك حرياً أن يستجاب له وإذا تخلف أثر الدعاء على المسلم فعليه أن يراجع نفسه فإما أن يكون ضعفاً في قلبه أو ضعفاً في نفسه أو استيلاء الشيطان عليه، يقول صلى الله عليه وسلم // ادعوا الله وانتم موقنين بالإجابة فإن الله لايقبل من غافل لاهي، وقال ايضاً عليه الصلاة والسلام إن الله طيب لايقبل إلا طيب وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً // ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنا يستجاب له. وبين فضيلته أن من عامل الله حال رخائه فإن الله يعامله باللطف حال شدته ،قال تعالى // فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون // وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه هم أو حزن فقال اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن امتك ناصيتي بيدك ماضي في حكمك عدل في قضائك اسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ان تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء همي وغمي إلا أذهب الله عنه همه وغمه // فيا عبدالله عليك بالدعاء والصبر على البلاء والإلتجاء إلى رب الأرض والسماء . وبين فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ أن الله سبحانه وتعالى يغضب إذا لم يسأله بني آدم يقول صلى الله عليه وسلم //من لم يسئل الله يغضب عليه // وأن يلح المسلم في دعائه يقول عليه الصلاة والسلام إن الله يحب الملحين بالدعاء ولا يستعجل المسلم في دعائه ولا يستبطئ الإجابة يقول عليه الصلاة والسلام // (( لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل ، قيل: يا رَسُول اللَّهِ ما الاستعجال ؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم يستجب لي فيستحسر من ذلك وَيَدَعُ الدعاء )) وأن يكون في دعائه خاشعاً مع الله سبحانه وتعالى وحضور قلبه وأن يتحرى أوقات الاستجابة كالثلث الأخير من الليل وفي ادبار الصلوات وبين الأذان والإقامه وعند صعود الخطيب إلى المنبر وآخر ساعة من يوم الجمعة، وغير ذلك من اوقات الاستجابة فإن ذلك حرياً أن يجاب له . واردف فضيلته قائلاً : عباد الله الدعاء عباده كما يقول الله سبحانه وتعالى // وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ،ومن الزم الدعاء فإن الله سبحانه وتعالي يجيبه ،يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء، فإن الزمت الدعاء فإن الإجابة معه ، وقد مر على أمة الإسلام مضائق ومهالك فكان اللجوء إلى الله هو ملجأها يقول الله سبحانه وتعالى // ولقد ارسلنا الى أمم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون//. وقال فضيلته إن أمة الاسلام اليوم في أمس الحاجه إلى الدعاء فماذا تغير في حالها وماذا تبدل ، إن الأمه في أمس الحاجه الى اجتماع وحدة الصف واجتماع الكلمة وترك النزاعات الشخصية والخلافات الفردية ، يقول الله سبحانه وتعالى // يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين // ذكر الله في هذه الآية أمره بطاعته وطاعة رسوله وعدم النزاع ، وفي ذلك إشارة إلى طاعة ولي الأمر وأن على الأمة العودة إلى الكتاب والسنه وعلى أهل العلم دعوة الناس إلى الرجوع إلى الله ومحاسبة النفس والابتعاد عن الإراجيف والإشاعات يقول الله سبحانه وتعالى // وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم.