منذُ تأسيس هذه الدولة على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وأبناء هذه البلاد يعيشون في محبّة ووئام على اختلاف مناطقهم وعاداتهم، وقبل كل ذلك مذاهبهم، وخلال فترة فتوّتنا وشبابنا لم نسمع يومًا عن فرقة، أو فتنة بين شيعة وسنّة من أهل هذه البلاد، الذين يتظلّلون جميعًا براية: لا إله إلاَّ الله محمد رسول الله. وأنا شخصيًّا كان لي زملاء كرام من أهل المنطقة الشرقية، زاملتهم في بعثتي في أمريكا، وكنا متحابين، متآلفين، ومازلنا حتى اليوم.. منهم الأخ عبدالله عبدالمحسن من رجال العلم والتعليم في تاروت، كما زاملت في جامعة الملك عبدالعزيز عالِمًا جليلاً هو الدكتور عبدالهادي الفضلي -رحمه الله- وكان بمثابة الأخ الأكبر لي منذ تعييني معيدًا بالجامعة، وكتبت عنه مقالات عدّة أثناء حياته، وبعد وفاته، ولم تثر بيننا يومًا أيّ خلافات مذهبية، وكان أن خصَّني بزيارة في أمريكا عام 81م مع ابنه الكريم عماد، كما خصّني بقصيدة من شعره العذب، أرسلها لي بعد عودته إلى المملكة، يشكرني فيها على حسن استقباله وتكريمه. كما تربطني بالشيخ حسن الصفّار علاقات التقدير والاحترام، وكنّا نتواصل إلى عهد قريب، إذًا فإن هذه الأحداث التي نشهدها اليوم التي تسعى إلى زرع الفتنة والشحناء بين أبناء الوطن الواحد كحادث مسجد الأحساء الأخير، إنّما هي أحداث عارضة نستبعد أن تكون صناعة محلية، حتى لو ثبت أن من فعلها سعودي. فنحن اليوم نعيش في خضم أحداث جسام، وقائدنا أعلن الحرب على المد الفارسي في العالم العربي، وحقق جيشنا الباسل وهو يقود جيوش التحالف انتصارات واسعة على الأرض، وتوشك هذه المعارك أن تنتهي بالحسم، ودحر عملاء إيران، ومَن شايعهم إلى الأبد، ويعني ذلك بالضرورة دحر عملاء آخرين يعملون في الشام للحفاظ على صنم إيران في سورية بشار الأسد، لذلك كله كان لابد لأعدائنا من المحاولة المستميتة لخلط الأوراق، وإثارة الفتنة داخليًّا بين أبناء هذا الشعب المتآخي. وقبل شهور، رأيت وسمعت تسجيلاً لأحد مشايخ الشيعة المعروفين بالتشدد، يروي قصة محاولة أحد الانتحاريين تفجير نفسه داخل تجمّع للتيار الصدري في العراق وهو تجمع شيعي، واعترف بعد القبض عليه بأنه عميل لإيران رغم أنه ينتمي للقاعدة، ليتم التفجير والقتل، ثم يُقال: إن التكفيريين هم وراء الجريمة، ومعنى ذلك أن إيران لا تتورع عن قتل الشيعة أنفسهم في سبيل زرع الفتنة بين الشيعة والسنة، وستكشف الأيام ما وراء هذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها إخوة لنا من أبناء هذا الشعب. وهي دعوة من خلال هذا المنبر للتنبه إلى ما يدبره أعداؤنا الفرس لنا من مكائد، فلا نتعاطف، ولا ندعم مثل هذه الأعمال الإجرامية كما أمر به ووجّه قائد هذه البلاد بلغة واضحة وصريحة، ونتمنى على رجال العلم والدِّين والعقلاء من إخوتنا السعوديين الشيعة أن يحثوا على إعمال العقل والروية، كي نُفشل هذا المخطط الإجرامي الذي لن ينجح -إن شاء الله- في زرع الفتنة بين السعوديين، فإنما السعوديون إخوة. [email protected]