المطالبة باستقلال الجامعات لا يعني مطلقاً استقلالها عن الدولة بقدر تحريرها من القيود البيروقراطية وإعادة النظر في نظامها الحالي الذي مضى عليه ما يقرب من ربع قرن جاء إصداره كرد فعل لبعض الممارسات الخاطئة لبعض الجامعات وعدم احترام التسلسل الهرمي في الإدارة فوضع النظام القيود ولم يتم رفعها حتى هذه اللحظة، ولعل ما يبشر بخير بأن هناك من يعكف على العمل على إصدار نظام جديد يستدرك فيه بعض سلبيات النظام المعمول به حالياً وفيه من الجوانب الإيجابية ما ينبغي الاستفادة منها، والأخذ بالأسلوب الذي عملت به الجامعات في السابق إبان تأسيس وزارة التعليم العالي. المؤمل أن يكون لكل جامعة مجلس أمناء يرعى مصالحها يضم أصحاب الخبرة وعضوين من رجال الأعمال وأن يكون هناك مجلس تنفيذي لكل جامعة على أن يكون هناك أيضاً مجلس وطني للتعليم في البلاد لرعاية المصالح العليا لهذه المؤسسات وخطط التنمية، ويمنح المجلس صلاحيات واسعة لاتخاذ القرارات الإصلاحية لمنظومة التعليم في الوطن. اما ما يتعلق بتمويل الجامعات مالياً فالمعروف أنها مستقلة مالياً وماتحتاجه بالفعل هو مرونة التصرف في المخصصات وفقاً لمصالحها ومجلس الأمناء لكل جامعة يضع فيه الحوكمة وكل الضوابط الأخرى اللازمة لتحقيق أهداف الجامعة مع التأكيد على أمرين لم تعطهما بعض الجامعات اولوية وهما البحث العلمي وخدمة المجتمع إضافة إلى تطوير وتحسين جودة المدخلات في سبيل الإرتقاء بتنمية الموارد البشرية وهذا ما أشرت له في مقال الأسبوع الماضي. إن مجلس الشورى الموقر قد فرغ من دراسة نظام التعليم العالي بعد أن عكف عليه ما يقرب من عام وتم إجراء التعديلات الضرورية عليه ، ويذكر أن النظام أرسل بمبادرة من وزارة التعليم العالي والمؤمل عليه أيضاً ان يستفاد من النظام الذي رفع من قبل الشورى منذ أربع سنوات، وفي هذا السياق يذكر أن نظام المجتمع المدني الذي عطف على دراسته مجلس الشورى وتم رفعه للجهات المختصة ظل حبيساً لمدة ستة أعوام وعندما وافق مجلس الوزراء قبل ثمانية أسابيع على النظام لوحظ بأن التعديل شمل سبع عشرة مادة والمؤمل أن يحظى نظام التعليم العالي بعناية فائقة وما يدريك ما سينتهي إليه أمر نظام التعليم العالي الذي يؤمل لا أن يخرج من عباءة التعليم فحسب وإنما تمنح الجامعات الاستقلالية التامة ووفق المنظومة المشار إليها في السطور السابقة وعندها ستنطلق الجامعات من القيود إلى آفاق أرحب وتتنافس فيما بينها وفق الرسالة التي وجدت من أجلها. [email protected]