إلى متى سيبقى اللاعب الخليجي «معزولًا» عن الاحتراف في أوروبا؟ سؤال يطرح نفسه بقوة في هذه المرحلة خصوصًا أنَّ السنوات الأخيرة حملت في طياتها حضورًا بارزًا للاعبين الخليجيين على صعيد التتويج بجائزة الأفضل في القارة الصفراء. خمسة لاعبين خليجيين نجحوا في حصد جائزة الأفضل آسيويًا في السنوات العشر الأخيرة، كان للسعودية النصيب الأكبر ب3 مرات عبر حمد المنتشري (2005)، وياسر القحطاني (2007)، وناصر الشمراني (2014)، وقطر مرة واحدة عبر خلفان إبراهيم (2006) قبل أن ينال الإماراتي أحمد خليل جائزة نهاية العام الماضي (2015). وكانت الكلمات التي أطلقها نجم نادي العين الإماراتي عمر عبدالرحمن عقب الحفل الأخير لجائزة أفضل لاعب في آسيا، معبِّرة، عندما تمنى أن يُفتح المجال أمام احتراف اللاعبين الخليجيين في أوروبا حيث قال: «أتمنى أن يحقق أحمد خليل حلمه بالاحتراف في أوروبا.. وليس أحمد فقط بل أتمنى أن تسنح الفرصة أمام العديد من اللاعبين لتحقيق هذا الهدف الذي سينعكس إيجابًا على كرة القدم في المنطقة عراقيل كثيرون يؤكدون أنَّ ثمة حاجزًا يحول دون احتراف اللاعب الخليجي في أوروبا خصوصًا أنَّ «الخطط تفتقد إلى زرع قيم الاحتراف في النشء من البداية» لأن هذه الخطط تحتاج إلى تضافر الجهود في البيت أولًا، بجانب أن اللاعب لا بدَّ أن يشعر أن وظيفته كرة القدم وهذا ما تفتقده كرة القدم في الخليج. وهناك من يتحدث أيضًا عن «وفرة المال في الأندية التي يلعب بها اللاعب الخليجي»، بما يجعله لا يفكر في الاحتراف خارجيًا، وهنا يكمن الفارق مع اللاعب في المغرب العربي الذي لا يشعر كثيرًا بالغربة، فهو مرتبط «لغويًا» بالغرب، خاصة فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال، فضلًا عن وجود عشرات الآلاف يعيشون في تلك المجتمعات، وبعضهم يتمتع بجنسياتها أيضًا. ويؤكد الخبراء أن اللاعب الخليجي لا تنقصه المهارات الفنية، لكن المشكلة التي تواجه اللاعبين أنهم «غير قادرين على العيش في أجواء احترافية»، وهذا يعود لعوامل كثيرة، في مقدمتها النشأة والبيئة التي يعيش فيها. تجربة استثنائية لعل تجربة الحارس العماني علي الحبسي المحترف في ريدينغ الإنجليزي تشكل حالة فريدة حيث نجح النجم العماني في شق طريقه من نادي لين النرويجي عام 2003 واستمر حتى عام 2005 محققًا جائزة أفضل حارس في النرويج، قبل أن ينتقل إلى نادي بولتون الإنجليزي مطلع عام 2006 ولكنه لم يحرس مرمى الفريق سوى في 18 مباراة فقط، وجلس احتياطيًا لثلاث سنوات دون يأس، وانتقل بعدها عام 2010 لنادي ويغان أتلتيك الإنجليزي ليعوض غياب حارس الفريق كريس كيركلاند المصاب، وتألق الحبسي مع فريقه الجديد فضمن مركز الحارس الأساسي، وبلغ نهائي كأس إنجلترا وحققه مع ناديه كأفضل إنجاز أوروبي للاعب خليجي. الأندية متَّهمة وتتفق العديد من الآراء على أن الأندية الخليجية تتحمل المسؤولية عن غياب الاحتراف الخارجي، في ظل توفر المغريات التي تقدمها للاعب الخليجي من الدخل السنوي إلى الشهرة الواسعة، والنجومية الكبيرة، في وقت يعاني فيه اللاعب الطامح للاحتراف في أوروبا مصاعب تتمثل في دخوله بتحديات يومية، وتدريبات مقسمة على فترتين يوميًا. وثمة شواهد حقيقية تؤكد أنَّ الفرصة أتيحت أكثر من مرة للعديد من اللاعبين الخليجيين من أبرزهم الإماراتي أحمد خليل الذي لفت نظر بعض الأندية، ومنها نادي تشيلسي، الذي دعاه لمدة 30 يومًا، في تجربة معايشة وتدريب بإنجلترا، لكن إدارة الأهلي لم تترك اللاعب، كما لم يجرؤ خليل على ترك ناديه، الذي كان في حاجة إلى جهوده هذا الموسم الذي حصد فيه الدوري. وقبل ثلاثة أعوام، عرض نادي رين الفرنسي فرصة الاحتراف على اللاعب نفسه لكن الطلب قوبل بالرفض أيضًا. الأندية ترد التهم حيال هذا الأمر سألت وكالة «فرانس برس» المدير التنفيذي في النادي الأهلي الإماراتي أحمد خليفة حماد عن عراقيل يضعونها أمام عروض حقيقية لاحتراف لاعبيهم في أوروبا، وأجاب بالنفي مؤكدًا أنه لا بد من وجود عرض حقيقي وغير وهمي للاحتراف ومن ثم نتحدث إذا كان هناك عراقيل أم لا. ويقول حماد: «نسمع الإعلام يتحدث كثيرًا عن هذا الموضوع لكن الكلام شيء والواقع شيء آخر». ويؤكد حماد أن هناك أكثر من لاعب خليجي يستحق الاحتراف في أوروبا لكن الأمر يتعلق بالعروض نفسها التي غالبًا ما تكون عبر وكلاء للاعبين ولا تحمل الصفة الرسمية، متمنيًا من وسائل الإعلام تحري الدقة في طرح الموضوع وعدم تحميل الأندية المسؤولية في هذا الشأن. ويضيف المدير التنفيذي للأهلي: «كثيرون يجهلون أيضًا أن هناك بعض القيود التي تفرض نفسها في بعض الدول مثل إنجلترا التي تشترط أن يكون اللاعب المحترف في دوريها ينتمي إلى دولة تتمتع بتصنيف جيد على المستوى الدولي وأعتقد أنَّ هذا ما عرقل احتراف اللاعب العراقي نشأت أكرم سابقًا مع مانشستر سيتي». ويشير حماد إلى أن الأندية ترغب في تسهيل مهمة اللاعب وهي لا تقف بوجهه على الإطلاق لكن بالمقابل يجب توافر كل الظروف المهيئة للاعب والنادي أيضًا. وفي رد على سؤال إذا ما كانت إدارة الأهلي تلقت أي عروض لاحتراف لاعبها أحمد خليل أجاب حماد بالنفي مؤكدًا: «لم يصلنا شيء إلى الآن رغم اليقين أن أحمد يتمتع بكل المواصفات التي تؤهله للاحتراف في أوروبا».