أدرك الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- حجم التحديات الجوهرية التي تواجه المملكة، والتحولات والتحديات التي قد تمس جوهر حياتنا، وخاصة في المجالات التنموية، فقد تضيع الجهود التنموية عند التكاليف التي يُفرِّخها التردِّي العالمي على نوعية الحياة.. وجاء إعلان الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية للعام المالي 1437- 1438ه ليُعزِّز استمرار تطبيق السياسات الاقتصادية والتنموية المتزنة والحكيمة التي تنتهجها المملكة، حيث التوازن بين الموارد والإنفاق، ومحور هذه الميزانية بكل تأكيد هو الانسجام مع النهج الجديد في تنويع مصادر الدخل، وضبط وترشيد الإنفاق العام، وإعادة هيكلة برامج الدعم الحكومي، حتى يمكن رفع كفاءة الاستغلال للموارد. هذه الميزانية يمكن تسميتها بميزانية التحوّل.. بمعنى أن الواقعية والشفافية وسياسة الترشيد هي السمة الأساسية فيها، فأتت منسجمة تماماً مع برنامج التحول الوطني، الذي أُعلن عنه من قِبَل سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان –حفظه الله- فلابد من تغيير جذري لثقافة الاستهلاك؛ وزرع ثقافة الترشيد لدى المواطن، حتى يمكن امتصاص الآثار المحتملة لزيادة الوقود، فقد حان الوقت لننظر بعين الاعتبار إلى ضرورة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل، فالميزانية تُعطي تأكيداً واقعياً على هذا التنوع، وعجز الميزانية الذي نعرف أسبابه، ليس بعيب، ولا هو بكارثة، فنحن نعرف أن أكبر اقتصايات العالم هو اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية، ورغم ذلك تُعاني من أكبر عجز في موازنتها، وهذا ما جعل قيادتنا الرشيدة تنظر لميزانية العهد الجديد بعين الاعتبار لتتحوّل لهذا التنويع. لاشك أن الإصلاحات الهيكيلية التي عرضت ملامحها ميزانية الدولة؛ شفّافة وطموحة، وعلى مدى العقد القادم تُعنى بزيادة الشفافية والمحاسبة، وهناك نظرة ثاقبة لمستقبل المملكة، نعم، هكذا كان لهذه الدولة رجال.. فليست الأربعون شمعة التي انهمرت فتائلها حُبًّا وإنسانية وعطاءً في عاصمتنا الرياض؛ هي الرصيد الأوحد للملك سلمان، فحياته كلها مليئة بالبناء والنماء الذي غَرَسَ لقلبٍ كَبُرت فيهِ الإنسانية كُلَّما التَفَت وَجهَه لجَانب مِنهَا.. فالكتابة عن سلمان، هي من حق الوطن وترابه الطاهر.. فهو الأجدر بالكتابة اعتزازاً به. [email protected]