من أبرز الظواهر التي تقلق المجتمعات وتهدد كيانها وتفاقم الأمر خطورة ظاهرة الانحراف الفكري. وفي ظل غياب الرقابة, وتقدم التقنية التكنولوجية ووسائل الاتصالات والتواصل والانفتاح على الآخر بكل يسر وسهولة, والتغاضي عن بعض التصرفات من الأهل ومن المجتمع المحيط, وعدم المتابعة الجدية نتج عنه سلوكيات وأفكار منحرفة كان من شأنها تكوّن تجمعات شبابية بعيدة عن أعين الجميع أضحت ضالعة في تبني العديد من جرائم الانحراف الفكري. إنني لأتألم شديد الألم على فئة من شبابنا في زهرة وربيع العمر رموا بأنفسهم إلى التهلكة وسط بُعد تام عن مبادئ الشريعة, وغياب دور الأسرة, وما تقدمه منابر الدعوة والإرشاد, والسؤال هو أين نحن من شبابنا, وكيف السبيل للحفاظ على سلوكياتهم, ولماذا خضع البعض منهم وإن كانوا قلة أمام الفكر المنحرف, وهل ساهمنا في ذلك الانحراف الفكري؟! إن الجواب وبكل أمانة نعم ساهمنا في انحرافهم فكرياً, والحمد لله أننا بدأنا التصحيح كل في مجاله؛ فخادم الحرمين الشريفين يعمِّد مؤخراً وزير التعليم والمستشار بالديوان الملكي معالي الدكتور أحمد العيسى بتغيير المناهج الدينية. وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح آل الشيخ يؤكد خلال ندوة (مسؤولية الدعاة في توعية الشباب بأمن المجتمع) بأن المسؤولية كبيرة, وأدوات الدعاة ضعيفة تفتقد إلى التوعية بمنهج التفكير, والمسؤولية كبيرة في تطوير الأدوات للوصول إلى تفكير الشباب, وأن الشباب لغتهم اليوم غير لغة من يكبرهم سناً, كما قامت وزارة الشؤون الإسلامية بتوزيع أكثر من 15 ألف خطبة جمعة سنوية تلقى في أكثر من 50 ألف جامع في المملكة تهدف إلى الاختصار, والبعد عن تسييس المنبر والثرثرة المفضية إلى إقحام منبر الجمعة في آراء شخصية, وتعبيرات ذاتية يترتب عليها شحن المصلين بالطاقات السلبية وتوتيرهم بالطرح العاطفي المتشنج, وتهدف الوزارة من ذلك لتكون الخطب ذات فائدة بعيدة عن الغلو والتطرف وتكون مواضيعها شاملة موعظة ذات فائدة للمجتمع وبأسلوب ميسر وسطي معتدل تعالج حاجة الناس في عقيدتهم وعبادتهم وحقوقهم وحقوق ولاة أمرهم. إن أصحاب الفكر الضال لهم أساليبهم في استقطاب النشء ويحدد لنا ( د. جربوع باحث في المجال التربوي والنفسي) بعضاً من أساليبهم ومنها استخدام أسلوب ثقافة الإحباط, والطعن في الدولة والحكام والعلماء, ويشيعون بأنهم قصروا في حقوق المواطنين وظلموهم وأخذوا حقوقهم وأموالاً وممتلكات ووظائف كانوا هم الأولى بها من غيرهم ليتأثر الشباب في ظل غياب المتابعة والتوجيه والأسباب التي جئنا عليها في مقدمة المقال وتكون لديهم ردة فعل سلبية حيال تلك الإحباطات المتكررة والتي غرست في أذهانهم فيكونون لبنة طيعة في تنفيذ أجندتهم ومخططاتهم الموهمة الدنيئة ناهيك عن توجيههم رسائل منحرفة في فهم النصوص الشرعية للشباب بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي آخذين بظاهر المعنى ناقلين ما يوافق هواهم من القول دون إيضاح الصورة كاملة فيتلقفها الشباب الغرّ ويتأثروا بها فيقع ما لا تحمد عقباه. إن على شبابنا الحرص كل الحرص على تجنب أمثال هؤلاء, وعليهم أن يرتقوا بأنفسهم ومجتمعهم ووطنهم فكراً وقولاً وعملاً. [email protected]