الإجابة الجميلة التي تُلجم الآخر تعد فناً من الفنون لاسيما عندما يكون المستهدف ممن لم يلتزم الأدب فضلاً عن أن فيها دلالات على الفطنة وسرعة البديهة. هناك قصة العراقي الذي تخرج وحصل على الأولية على دفعته في الكلية العسكرية وعندما جاء قائد الفيلق إليه ظن المتخرج أنه جاء ليهنئه إلا أن قائد الفيلق نظر فيه بازدراء قائلاً : أنت الأول على المجموعة، ولابد أنك أخذتها بالغش والتدليس، فكان جوابه: لن يكون هذا يا سيدي وأنتم على رأس هذا الفيلق، فتم قبوله وضمه للعمل . وقصة ذلك الضرير الذي كان يحمل مصباحاً في يده في الظلام فقال له شاب مستهزئاً به : يا عم أتحمل مصباحاً وأنت لا تبصر؟!، فكان جواب الضرير : أجل يا بني أحمله لمبصر مثلك مخافة أن يصطدم بي في الظلام. هناك القصة المشهورة التي تردد دائماً في الأدب العربي عن السلطان الذي رأى في منامه أن كل أنيابه قد سقطت وجاء بأحد العلماء ليفسر له الرؤية فقال: سوف ينال الموت كل أفراد أسرتك وتبقى أنت فأمر بسجنه ثم طلب عالماً آخر وأخبره بالرؤية التي جاءت له في المنام فكان جوابه التالي : سيدي سوف يمنحكم الله طولة العمر أكثر من عائلتك، جاء تفسير الرؤية واحدة ولكن طريقة إيصالها للسلطان مختلفة. قال أحدهم رداً على الظلم الذي وقع عليه : اظلم كما شئت لا أرجوك مرحمة.. إنا إلى الله يوم الحشر نحتكم... إجابة قوية جاءت من إنسان مؤمن بالله وقدرته على إنصافه يوم لا ينفع مال ولا بنون ، شىء تقشعر منه الأبدان. والرواية الجميلة عن سيدنا العباس رضى الله تعالى عنه عندما سأله أحدهم : أأنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد العباس متأدباً : رسول الله أكبر وأنا ولدت قبله . يا لها من إجابات حاسمة وجميلة جاءت نتاج خبرة طويلة ومراس حياتي وسرعة بديهة، وأن الرجل يقول لمن يسىء إليه (اخرس) هذه الكلمة كافية وهي أبلغ تعبير من الخوض في غيره، وأحياناً تأتي إجابات لا تخلو من الفكاهة كما ورد عن الإمام أبي حنيفة المعروف بسرعة البديهة عندما سأله سائل : إذا نزلت في النهرلأغتسل هل أجعل وجهي إلى القبلة أو الى غيرها فأجابه: الأفضل أن تجعل وجهك إلى ثيابك كي لا تسرق وأنت في النهر. [email protected]