الحمد لله الذي منّ على عباده المؤمنين بالوصول إلى الأراضي المقدسة سالمين ملبّين دعوة أبيهم إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم، حيث يقول الله عز وجل في محكم التنزيل: (وأذّن في الناس بالحج)، وها هي الملايين قد أقبلت من كل فجٍّ عميق لأداء الركن الخامس من دينهم الحنيف، وقد أكرمهم الله عز وجل بالطواف بالبيت العتيق، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف على صعيد عرفات، حيثُ يُكْرِم الله عباده بالعفو والمغفرة، ويُشهد ملائكته بأنه قد غفر لهم، كيف لا وقد أتوه مُلبين، طالبين عفوه وغفرانه، باذلين الغالي والنفيس تقربًا وإيمانًا في صاحب العطاء الكبير، الغفور الرحيم، في أن يغفر ذنوبهم ويتجاوز عن زلاتهم ويُسهِّل أمور دينهم ودنياهم، طامعين في كرمه وعفوه في أن لا يردهم خائبين. أيامٌ مباركات، فبعد أن يقضي الحجيج أيام التشريق في منى، ويمنّ الله عليهم بإكمال النسك، يتوجّهون لزيارة طيبة الطيبة للتشرف بالسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والصلاة في مسجده الشريف الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه، كما أخبر بذلك المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، ثم زيارة بقيع الغرقد للسلام على أصحاب رسول الله وأهل بيته الطاهرين، ثم زيارة شهداء أحد والسلام عليهم، ثم ينعم الحجيج بالصلاة في مسجد قباء، أول مسجد أُسّس على التقوى، وبعد قضاء أيام مباركة في رحاب طيبة الطيبة، يشد الحجاج رحالهم للعودة إلى بلادهم سالمين غانمين، فرحين مستبشرين، بعد أن أكرمهم رب العالمين بحجٍ مبرور وسعيٍ مشكور وذنبٍ مغفور، بعد أدائهم فريضة الحج في أمن وأمان. تحية شكر وتقدير لحكومة خادم الحرمين الشريفين التي تبذل قصارى جهدها، وتُسخِّر كل إمكاناتها لراحة ضيوف الرحمن، ولا ننسى جهود جميع العاملين في قطاعات الحج المختلفة مدنيين وعسكريين من أبناء هذا الشعب الكريم المتفانين في خدمة الحجيج منذ وصولهم للأراضي المقدسة حتى مغادرتهم لها. رحم الله شهداء الحرم، وعجّل الله بشفاء المصابين منهم، وشكر الله جهود الملك سلمان الذي تابع وشارك وخفّف المُصاب عن ذوي المتوفين وزيارة المصابين في حادثة الرافعة التي قدّرها الله لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى. تمتع الحجيج بالأمن والأمان، والطمأنينة وراحة البال، في أقدس بقاع الأرض، وفي ظل حكومة رشيدة تُسخِّر رجالاتها ومواطنيها لخدمة ضيوف الرحمن، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله وولي عهده وولي ولي عهده الكرام. حفظ الله بلادنا من كل مكروه، وعيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير. [email protected]