لم يخف ياسر جمال الذي أتى بصحبة أطفاله الأربعة إلى ملاهي العيدروس بجدة إعجابه بالموروث القديم، بالرغم من توفر كبريات الملاهي الترفيهية المنتشرة على أطراف العروس وشواطئها، فهي تذكره بأيام الطفولة وإرث الآباء والأجداد الذى تحاول التقنية في الملاهي الحديثة القضاء عليها . ويضيف - ملاهي العيدروس متاحة بأسعار رمزية في متناول الجميع، ويقصدها الأغنياء ومحدودو الدخل على السواء ولم يعد الحرص على زيارتها مقتصر ا على الأطفال فحسب بل تجاوزه إلى الآباء، وذلك لارتباطها بطفولتهم وذكرى أعيادهم البريئة والتي كانوا يأتونها للاحتفال بالعيد السعيد. ويزيد من جمال وعراقة هذه الملاهي ارتباطها بالمنطقة التاريخية القديمة حيث التراث العمراني لا يزال يحتفظ بنكهته القديمة من حيث أشكال البناء والأزقة الضيقة والأرصفة ذات الطراز القديم. وعلى امتداد جنبات برحة العيدروس بجدة تتدفق الكثير من العوائل الجداوية مصطحبة أطفالها، إلى تلك الملاهي البسيطة والتي تتراوح ألعابها ما بين (الشقلبة) و (المراجيح) والتي أصبحت متنفسًا سهلا لذوي الدخل المحدود، وهو ما يؤكده عبدالله خالد وهو مسؤول على إحدى تلك الألعاب حيث يقول: مع كل عيد تتزين البرحة بالألعاب البسيطة ذات الرسوم الرمزية ويتم نصبها في العشر الأواخر من رمضان، وبعد صلاة العيد تتدفق الكثير من الأسر إلينا لتسلية الأطفال والاستمتاع بتلك الألعاب في الهواء الطلق بعيدا عن زحام الملاهي الحديثة». وأكثر ما يلفت انتباه زوار الملاهي أنها تعتمد اعتمادًا كبيرًا في تشغيل الألعاب على القوة البشرية من غير وجود أثر للطاقة الكهربائية مقارنة بكبريات الملاهي المنتشرة على أطراف العروس وشواطئها، حيث يقف على كل لعبة صاحبها ومساعد له يقومون بتحريك اللعبة لفترة لا تتجاوز الخمس دقائق مقابل ثلاثة ريالات للعبة الواحدة، إضافة إلى بعض الأهازيج التي يرددها أحدهم فيما يتفاعل معهم الأطفال بالغناء مما يضفي على المكان أجواء حماسية تجعل من اللعبة استمتاعًا مغايرًا. ويحرص أبو محمد العمودي 35 عامًا كل عام على اصطحاب أبنائه معه للعب في ملاهي العيدروس وفي ذات الوقت يستذكر أيام طفولته مشيرًا إلى أن المكان يضم الكثير من العائلات التي اختارت أن تقضي إجازة العيد فيه، على الرغم من أن الأجواء في جدة تشهد رطوبة عالية»ملمحًا إلى أن حركة الملاهي الترفيهية الشعبية المعتمدة على الدفع اليدوي من قبل بعض العمالة تتسارع كلما ارتفع صوت أهازيج الأطفال البريئة. وعن رسوم الألعاب يقول جمال -وهو عامل على إحدى الألعاب هناك- « لا تتجاوز ثلاثة ريال للعبة الواحدة، إذ لا يستطيع أصحاب الدخل المحدود الذهاب للملاهي الإلكترونية نظرًا لارتفاع أسعار تذاكرها وقد لا يتمتع أطفالهم بأكثر من لعبتين، فيما سيتمكن الأطفال عند زيارة «العيدروس» من الاستمتاع بأغلب الألعاب بمبلغ قد لا يتجاوز العشرين ريالًا».