الدعوة الغريبة التي ينادي بها البعض بأن يتم التعامل مع قضية جماعة الإخوان المسلمين كقضية داخلية مصرية ستؤدي ، إن كان هناك من ينصت لها جاداً ، إلى المزيد من تمزيق النظام العربي القائم ، أو ما تبقى منه قائماً .. ألم يكن من الأجدر بمن اقترحوا إعادة النظر بقضية هذه الجماعة أن يسعوا الى إقناع الإخوان بالتوقف عن المظاهرات التي يقوم بها الصبية وما يصاحبها من تفجيرات وأعمال إرهابية أخرى ، والعودة للمشاركة في العملية السياسية بمصر ؟ ترف المراقبة والنأي بالنفس والتسامح لا مكان لها الآن في ظل الوضع العربي القائم بل لابد من الحسم . وإذا كانت نوايا الإخوان ومن يواليهم ويتعاطف معهم سليمة فإن الأجدى دعوتهم للعودة عن الإرهاب والقبول بالدخول بالعملية السياسية ، وليس من المنطق تبرئة الإخوان مما يجري على الساحة المصرية من إرهاب . فمنذ أن ظهرت الجماعة في عهد الملكية وفي ظل النظام الديمقراطي الذي كان سائداً سلكت الإرهاب وسيلة لدعوتها ، وجرت محاكمة زعمائها ، وتكرر الأمر في عهد عبد الناصر ثم السادات من بعده وكذلك حسني مبارك ، فهل يعقل أن الأنظمة التي تعاقبت على مصر جميعها متآمرة على الإخوان بينما هم أبرياء ؟!..لا شك أن هناك أفراداً في الجماعة ليسوا ممن يمكن تسميتهم بالإرهابيين إلا أن من يدير الجماعة يسلكون سبيلاً خاطئاً وعلى العناصر التي لا تقر ذلك أن تسعى لتصحيح مسار الحركة لا الاستسلام لها . أزمة العالم العربي اليوم ليست الهجمة الشرسة التي يتعرض لها نظام الدولة من قبل قوى خارج المنطقة فحسب ، بل هناك قوى إقليمية ترغب الاستفادة من أزمة النظام العربي عبر توسيع دائرة سيطرتها على المنطقة ، ويجري استخدام العرب لضرب العرب . وأبرز القوى الإقليمية المستفيدة من الانهيار الواقع لبعض الأنظمة العربية هو النظام الإيراني الذي لم يتردد نائب الرئيس فيها للشئون الدينية ، علي يونسي ، من القول علناً أن بلاده « أصبحت الآن إمبراطورية . كما كانت عبر التاريخ ، وعاصمتها بغداد ، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا ، كما كانت في الماضي « بينما أعلن مسؤول إيراني آخر أن بلاده أصبحت تسيطر على كل من بغداد وصنعاء ودمشق وبيروت . وقال حسين الهمداني ، مستشار القائد العام للحرس الثوري ، أنه جرى تكوين « مجموعات دينية جديدة في سوريا « وأن الحرس الثوري كون : « 42 لواء ونحو 40 كتيبة للقتال في سوريا «. الاستقرار في مصر الآن أهم من أي قضية أخرى ، فهو مرتبط بالاستقرار المطلوب استعادته لباقي الوطن العربي . وأكدت الجماعة السلفية بمصر تفهمها لحساسية وأهمية المرحلة الحالية عبر إعلانها أن « حزب النور « الذي يمثلها سوف يشارك في الانتخابات القادمة . وهذا هو السبيل لتحقيق أحلام المصريين في الرخاء الاقتصادي والأمن والاستقرار . وقد لا تكون القوانين الحالية مواتية لتحقيق أحلام البعض ولكنها تتطلب الدخول في العملية السياسية حتى يمكن تعديل ما قد يحقق بعض ما يؤمل فيه للوصول إلى الأفضل . وهذا هو السبيل الذي يجب مطالبة الإخوان بسلوكه . [email protected]