الحديث عن اليمن في هذه المرحلة لم يعد يحتمل المجاملة لأن البلد دخل في دوامة خطيرة قد تقود للتقسيم ومزيد من القتل والدمار مثل الذي يحصل في ليبيا والعراق وسوريا كما أن ذلك الصراع الداخلي قد يجر دول الجوار بطريقة أو بأخرى لتكون طرفاً فيه دون رغبة منها في ذلك. مكان اليمن الطبيعي جغرافيا وتاريخ في صميم الجزيرة العربية له ما للدول الأخرى وعليه ما عليها من واجبات ومتطلبات. البيئة اليمنية لم تحظ بالتحصين اللازم الذي يضمن لها النمو والازدهار أسوة بدول الخليج وبقيت رهينة الفكر القبلي الذي يعتمد على العفوية والفوضوية في معظم شؤون الحياة. هشاشة الدولة ككل قبل وبعد الوحدة لم تتح المجال لترسيخ ممارسات ديمقراطية بعيداً عن التحكم الفردي الذي يحشد الاتباع وينقض ما كتبه بالليل اثناء النهار في سبيل تحقيق فردية ضيقة بدون تفكير في العواقب. موجة الربيع العربي حاول مريدوها تصحيح ذلك الوضع ولكنها فشلت وأدت الى تفكك خطير عطل كل مؤسسات الدولة واضطر الرئيس المنتخب للخروج من العاصمة واتخاذ مقر مؤقت في اليمن الجنوبي. الجيش والأمن الداخلي كما يبدو انقسمت ولاءاته بين اطراف النزاع على السلطة وظهر فريق الحوثي المتعطش للسلطة المسيطر حاليا على العاصمة والذي يستمد عونه من جهات خارجية تسعى لتخريب اليمن من أجل مشروعها الاقليمي ، وهنا تكمن المعضلة عندما لا يدرك اليمنيون بكل اطيافهم أين موقعهم في تاريخ الامة العربية والذي لا مفر منه مهما كانت الصعوبات. دعوة القيادات اليمنية حتى المتمردة على النظام للاجتماع والحوار في المملكة مصدره الرغبة في المساعدة والخروج بحل مرضٍ يحتوي كل الاطراف حفاظا على وحدة اليمن وأمنه واستقراره ولكن في هذه المرة ينبغي ان يكون هناك مصارحة حول مستقبل اليمن وإرسال رسالة واضحة بأن دول مجلس التعاون لن تسمح لدول خارجية أن تلعب في اليمن وتخرب المنطقة ، وهذا في ظني ما يريده الشعب اليمني بكل أطيافه عندما يبتعدون عن الاضطهاد والابتزاز والوعود الماكرة. والمبتغى في نهاية المطاف ان المحافظة على يمن موحد حر الارادة بعيداً عن ايران وأخذ العبرة من الذي تفعله في العراق وسوريا ولبنان. التطرف في اليمن لا يختلف عن غيره ولكن هشاشة اليمن والانقسامات الطائفية تجعله معرضاً للخطر اكثر من غيره وهذا ما يستوجب من قناعات لضمان وحدة اليمن ومكانه الطبيعي في منظومة الأمة العربية و مع جواره في مجلس التعاون الخليجي. وعلى هذا الاساس يتم التصالح والدعم وإعادة الشرعية والحكومة الى مقرها في العاصمة صنعاء وأخذ تعهدات بعدم العودة الى تخريب الاتفاق كما حصل في المرات السابقة. [email protected]