تم رصد المواقع التي مرّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى خيبر حيث الغزوة المباركة التي أدخلت الفرح والسرور في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتهرت هذه الغزوة باسم آخر هو: الفتح الذي سُرّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلال أكثر من ثلاثين عامًا تتبع الباحث الطريق النبوي إلى خيبر، وأحيانًا يقف مع باحث آخر ومع بعض الأدلاء الذين ارتبطت حياتهم ببعض تلك المواقع، أي: ولدوا وعاشوا فيها، وورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وقد بلغ عددها (34) موقعًا حتى وصل خيبر ورُصِدت بالأدلة التاريخية أو بعض الأحاديث لتشكل في المحصّلة النهائية: الطريق النبوي إلى خيبر، ومن تلك المواقع جبل السُّرير الذي يقع في الثمد بين خيبر والصلصلة، والثمد أقرب إلى خيبر، وجبل السُّرير يميل لونه إلى الأحمر، وسمي بالسُّرير وهو تصغير سر، كما يقول أحد المؤرخين، لأنه بارز عمّا حوله كالسرّ، فصار علمًا على قرية البحرة ووادي الثمد، ولعل السُّرير كان يطلق على الوادي أولًا ثم انتقلت تسميته إلى الجبل للقرب منه، حيث يقول البكري: السُّرير وادٍ من أودية خيبر، وقد كانت قرية الثمد تسمى باسمه (أي: قرية السُّرير) قبل أن تعرف بالثمد، وقد جاء ذكر السُّرير في مسار النبوي الشريف إلى غزوة خيبر فقد ذكر الواقدي: «وخرج الدليل يسير برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى به فيسلك (بين حياض والسرير)، فاتبع صدور الأودية، حتى هبط به الحرضة، ثم نهض به حتى سلك بين الشق والنطاة (وهما بخيبر).» وبالقرب من هذا الجبل بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية رضي الله عنها عند رجوعه من غزوة خيبر حيث أسلمت رضي الله عنها فاختارها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه ثم تزوجها بعد أن أعتقها وجعل عتقها صداقها، وقد أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الزواج أن يعطيها مكان سيادتها حيث كانت صفية رضي الله عنها ابنة سيد قومها، وقد ظهر ذلك جليًا حينما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي من كلمة قالتها لها بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنها خيرٌ منها، حيث قال: (كيف تكون خيرًا منك وإنك لابنة نبي وإن عمك لنبي وإنك لتحت نبي ففيم تفخر عليكِ؟)، رواه أحمد والترمذي، وفي ذلك إعزاز كبيرٌ لصفية رضي الله عنها، ولايبعُدُ جبل السُّرير عن سد الصهباء كثيرًا حيث إنّ سد الصهباء (وتطلق عليه العامة سد البنت) ورد في صحيح البخاري بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعله موقعًا لاستراحة الجيش عندما ابتنى بصفية رضي الله عنها؛ ونظرًا لأن بعض المؤرخين يكتب عن غيره ولا يقف عند المواقع التي يكتب عنها لذا خلط كثيرٌ منهم بين السُّرير والصُّرير، حيث إن الفرق بينهما كبير، فالسُّرير هو الجبل محور الحديث، أما الصُّرير فهو ملتقى أودية خيبر.