من الواقع المعاش فإنّنا نلحظ قصورًا في أداء بعضًا من المؤسسات التربوية والتعليمية والاجتماعية في المجتمع في تنمية الحس الوطني لدى أولادنا، ممّا أضعف لدى بعضهم الولاء والانتماء للوطن، فالأسرة السعودية لم تؤدِ دورًا حيويًا في التربية الوطنية لأبنائها من خلال إكسابهم ثقافة الحوار وإبداء الرأي، والثقة بالنفس والاعتماد على الذات وتحمل المسؤولية والاعتزاز بوطنهم وعروبتهم والمحافظة عليهما، بل نجد مناهجنا التعليمية لم تؤدِ دورها في التربية الوطنية، وإكساب أولادنا قيم الانتماء والولاء للوطن، وذلك من خلال إنشاء جمعيات منتخبة للطلبة والطالبات، وكذلك إنشاء المسرح المدرسي والجامعي تُقدّم فيه مسرحيات تنمِّي الحس الوطني، وتحترم حرية الرأي، وتُعزِّز الانتماء للوطن والولاء له، ولكن كل هذا مفتقد في مدارسنا وجامعاتنا، بل نجد معظم مناهج بعض كلياتنا أصبحت باللغة الإنجليزية، ممّا يُضعف لدى أولادنا انتماؤهم العروبي والإسلامي باعتبار اللغة العربية هي لغتنا الأم، ولغة القرآن. كما تشارك وسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي المؤسستيْن الأسرية والتعليمية في هذا القصور، بعدم قيامها بدورها في تنمية الولاء للوطن، وتكريس قيمه لدى الشباب. كما للمتغيرات العالمية والمحلية -وانعكاسها على المشاركة الشبابية- تأثير على واقع هذه المشاركة، كسيادة مظاهر العولمة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية التي حطّمت الحواجز والحدود بين الدول بمساعدة النمو المتسارع والمعقد في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وللأسف نحن لم نُؤهِّل شبابنا لمواجهة هذه المتغيرات إيجابًا، ولم نتلاف هذا القصور في المؤسسات المجتمعية، والظروف المتاحة لهم الآن لهذه المشاركة الوطنية تتمثل في انتخابات المجالس البلدية، والغرف التجارية والصناعية، وهيئة الصحفيين، ومؤسسات الطوافة، ومؤسسة الأدلاء، وفي انتخابات مجالس الأندية الأدبية والرياضية، وبعض الجمعيات، وأغلب هذه الانتخابات محصورة في أعضاء تلك الهيئات والمؤسسات والجمعيات والأندية، الذين تخطّى معظمهم سن الشباب، وتنفرد انتخابات المجالس البلدية بالعمومية. هذا ولتعزيز قيم الولاء والانتماء للوطن أرى ضرورة تصحيح الخطاب الإسلامي، وتنقيته من الموروثات الفكرية والثقافية الجاهلية، والإسرائيليات والموضوعات، والناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، والفتاوى التكفيرية، ومنح المرأة أهليتها الكاملة، ومساواتها بالرجل في حق المشاركة المجتمعية، مع القضاء على البطالة بتوفير فرص عمل للشباب تتناسب مع مؤهلاتهم، وقيام المدرسة والجامعة ووسائل الإعلام بدورها ومسؤولياتها في التربية الوطنية، وإنشاء جمعيات منتخبة للطلبة والطالبات في المدارس والجامعات، والاهتمام بالمسرح المدرسي والجامعي لإيجاد وعي عام بقضايا الوطن والأمة، وتنمية الحس الوطني والولاء للوطن. [email protected]