باتت النقلة النوعية في مرفق القضاء ظاهرة وجلية للعيان، وذلك من خلال تنفيذ مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء، وقد قرأنا الكثير من المقالات بهذا الخصوص في الآونة الأخيرة والعديد من تصريحات المتحدث الرسمي لوزارة العدل فيما يخص المشروعات التنظيمية ومشروعات اللوائح القضائية. ومما لا شك فيه عكفت وزارة العدل ممثلة في معالي وزيرها الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى على العمل الجاد في تنفيذ الأوامر الملكية ونظرة معاليه الثاقبة لتطوير وزارة العدل ومرافقها ونذكر منها على سبيل المثال فتح محاكم متخصصة كالمحكمة التجارية والمحكمة العمالية ومحاكم الأحوال الشخصية، ومن الأوامر السامية التي صدرت أيضًا ترقية القضاة وتعين قضاة على وظائف شاغرة وتشكيل لجان لاختيار وانطباق الشروط الشرعية والنظامية من كتاب العدل وترقيتهم لدرجة قاضي، ومؤخرًا تكليف مكاتب المحاماة بالتوثيق. إذن نستطيع أن نقول كل ما تقوم به وزارة العدل في هذه المرحلة الانتقالية مجهودات ملحوظة. هناك ملف أتمنى أن يمنح المزيد من الاهتمام والحديث عنه بكل صراحة كونه جزءًا لا يتجزأ من المنظومة القضائية ألا وهو (كفاءة الكوادر العاملة في مكاتب القضاة والأقسام الأخرى في المحاكم) فهم أشبه بالترس الذي يدور لكي تستمر حركة العجلة بشكل منتظم كي نصل للنتيجة المرجوة من مشروع التطوير، فكم من مراجع تضرر من إهمال موظف، أو جهل آخر بالإجراءات النظامية، أو فقد بعض من المستندات المهمة في ملف المعاملة، أو إحالة ملف الدعوى للأرشيف على الرغم من استمرارها، وغيرها من المواقف التي لا تخفى على أي مرتاد للمحاكم، أطرحها هنا بكل شفافية فلابد من النظر والإسراع لتأهيل وتدريب هذه الكوادر لأنهم أساس تنظيم العمل القضائي، فهم من يستقبلوا المراجعين ويسجلوا مواعيد الجلسات والمراجعات، وهم المسؤولون عن تنظيم وترتيب الملفات والتواصل مع أطراف الدعوى، وغيرها من الأعمال والإجراءات قبل أن تعرض المعاملة على القاضي. لذلك ينتابني الأسف الشديد في كل مرة أتعامل فيها مع موظف غير كفء بأن يكون في هذا المكان الحساس، فأول ما يخطر في ذهني هل يؤثر هؤلاء الموظفين غير الأكفاء على نجاح مشروع تطوير القضاء؟ لماذا لا يكون هذا الموظف خريج من كلية الحقوق أو أن تكون موظفة قانونية؟ ما هو مدى استشعاره بأهمية العمل الذي يقوم به وأهمية الأوراق والمستندات التي بحوزته؟ لماذا المراجع يشعر بالخوف وعدم الاطمئنان عندما يودع أي أصل لأي مستند في يد أحد هؤلاء الموظفين؟! من وجهة نظري، نحتاج إلى إعادة تأهيل لموظفي المحاكم، وأكرر البعض وليس الكل، ولكن هذه الفئة وإن كان عددها قليلا فهم عائق أمام إنجاح مشروع تطوير القضاء، ومنح أي مراجع وصاحب حق الثقة في هذه الجهة، لذلك أتمنى إقرار مشروع من معالي وزير العدل ينص على إدراج مقتضيات ومهارات تتناسب مع الوظائف التي يشغرها هؤلاء الموظفين مع فرض اختبار لموظفي المحاكم الحاليين يتضمن أسلوب التعامل مع الجمهور، والعناية بالمظهر الخارجي والزي الرسمي، لأن هيبة المرفق القضائي يجب أن يظهر للمراجعين، وذلك لا يكون فقط بصرامة النظام أو فخامة المبنى وحده، بل على العكس حسن المظهر ونظافة الهندام واللباقة في معاملة المراجعين وبشاشة الوجه ولطف اللسان وسعة النفس عوامل تعطي المكان هيبته، ثم يأتي بعد ذلك اختبار قدرات وكفاءة الموظفين على القيام بالأعمال الموكلة إليهم في الأنظمة والقوانين والقرارات، وأتمنى أن يكون لخريجي الحقوق نصيب من هذه الوظائف.