في السنوات الأخيرة انتشرت بصورة مذهلة استخدام الأعشاب الطبية التي أبهرت الكثيرين، ولاسيما انتشارها في الدول النامية، وهذا بسبب سهولة الحصول عليها وثقة الناس فيها وفي فوائدها ورخص ثمنها، مقارنة بمراجعة المستشفيات، والتي قد تتطلب فحص دم وأشعة وعلاجات صيدلانية، وكذلك طول فترة الانتظار والمواعيد، وساعد على انتشار تعاطي الأعشاب والخلطات الشعبية قلة الوعي لدى البعض، وساهمت الادعاءات والشائعات الطبية في زيادة انتشارها، فعلى سبيل المثال ادّعى بعض محضري الأعشاب أن لديها القدرة على علاج بعض الأمراض المستعصية مثل أمراض السرطان بأنواعه، والعقم عند الجنسين، أو علاج ضغط الدم وسكر الدم، والكلى والقلب، والعجز الجنسي وغيرها من الأمراض. إن الخلطات الشعبية لها أضرار مؤثرة على صحة الفرد والمجتمع، قد تؤدي أو تكون سبباً في أمراضٍ كثيرة عند استخدامها وتحضيرها بطرق بدائية، وتكمن خطورتها عند خلطها بالمركبات الكيميائية أو الصيدلانية بنسب غير معروفة، وهذه النسب قد تكون بجرعات عالية، والاستمرار عليها يضر بأعضاء الجسم المختلفة وبالدورة الدموية، بعض الأعشاب كانت سبباً في تليّف الكبد كجوزة الطيب عند تناولها بكميات عالية، أو تناول بعض الأعشاب مخلوطة بزيت الزيتون "العصرة الثالثة" والملوّث بمادة البنزوبايرين المسرطنة، وهو من الزيوت الرخيصة، أو خلط الأعشاب بمركبات كيميائية، وهناك أعشاب على شكل حبوب كعشب حبة ميرت (Mert) التي تستخدم لعلاج السمنة وتخفيف الوزن، والتي ثبت بعد تحليلها عدة مرات -بقسم مختبر السموم والأدوية في مستشفى الملك فيصل التخصصي- احتواؤها على مواد مسهلة كيميائية نباتية ملوّثة بعنصر الرصاص السام، والذي له دور في هشاشة العظام ويضر الكبد مُحْدِثا تليّفاً وفشلاً، وإذا أُخذ من قِبَل المرأة الحامل يُؤدي إلى تخريب مخ الجنين، وميرت مسهل قوي يؤدي إلى إزالة المادة المخاطية من الأمعاء، ويؤدي إلى خروج الأملاح المفيدة والبوتاسيوم معاً (جريدة الرياض العدد 16029)، وكذلك بعض أنواع العسل ملوثة ببعض المضادات الحيوية حيث ثبت بالدراسة أنها تُحدث أمراضاً سرطانية، ولذلك يجب تناول الأعشاب الطبية وخلطاتها بطرق سليمة مدروسة وحسب استشارة المختصين، والبعد البتة عن الأخذ بالشائعات. إن خطورة الخلطة الشعبية تكمن في عدة أشياء، منها على سبيل المثال، قد تكون منطقة الزراعة والمياه المستعملة في الري ملوّثة بالمعادن السامة مثل الزئبق والرصاص وغيره، وقد يكون تخزين الأعشاب بطرق غير صحية، حيث تكون مناطق التخزين ذات رطوبة أو حرارة عالية، مما يُسمح بتكاثر البكتيريا والفطريات، أو تكون مُعرَّضة للحشرات أو القوارض مثل الفئران، أو تكون ملوّثة بالمبيدات الحشرية المسرطنة. وقانا الله وإياكم من الأمراض المزمنة والمستعصية. [email protected]