تعدّ ظاهرة الملحدين ومسألة انتشار الفكر الإلحادي عبر شبكة الإنترنت من أكثر الظواهر الإجتماعية انتشارًا في الآونة الأخيرة بين أوساط المثقفين والمفكرين، فضلا عن فئة من الشباب؛ وذلك نتيجة للانفتاح المعلوماتي في الأفكار والأيدلوجيات المختلفة، فماذا لا يتم متابعة ومطاردة الملحدين السعوديين عبر شبكة الانترنت؟، وماهي الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة؟، وماهي الجهات التي يقع على عاتقها ذلك ودور الجهات الرسمية في مثل هذا الأمر؟ وما السبل والطرق للحد من هذه الظاهرة؟.. تساؤلات مطروحة في ظل التحقيق التالي. خلط مفاهيمي بداية يؤكدّ الكاتب والباحث الصحفي الأستاذ طه بافضل، بأنّ هناك ثمة خلط لمفهوم الحرية الفكرية والذي بدأ يسري بين فئات ممن يسمون بالمثقفين والمفكرين وأصبحوا ينادون بالحرية المطلقة التي لا خطام لها ولا زمام، حتى تعدى هذا المتحرر على خالقه وموجده وربه ومولاه سبحانه وتعالى، فجحده وكفر به وأنكره والحد في الوهيته ووجوده وربوبيته للخلق، مشيرًا إلى أنّ هذا مناف تمامًا لكل مقومات مدخلات ومخرجات العقل البشري الذي من الصعب أن ينكر بالملموس والمحسوس والمدركات حتمية وجود خالق لهذا الكون والوجود، منوهًا على أنّ المملكة اتخذت خطوات مهمة في هذا الجانب وعملت على متابعة من تجرأوا على الإلحاد عيانًا وقد أوقفت عددا منهم وتمّ التشهير بهم حتى رجعوا عن سبيلهم المعوج وبالتالي ينبغي أن تستنسخ التجارب الناجحة ويتم تطويرها وترقيتها حتى لا تنتشر الظاهرة أكثر، وقد يمنع بعض الدول ذلك قد يكون للاستهانة بهذا السلوك الفكري وعدم الجدية والاهتمام والحرص على وأد ظاهرة الإلحاد وإنهاءها. الجهة المسؤولة وعن الجهات التي يقع على عاتقها مثل هذا الجانب ودور الجهات الرسمية في مثل هذا الأمر، يؤكد بافضل أنّ الجهات الرسمية عليها الدور الأكبر بالطبع خصوصاَ وزارة الإعلام وهيئة النشر التي تقدر على متابعة ما ينشر على الشبكة العنكبوتية فتتم ملاحقة هؤلاء الذين يتجرأون على الإلحاد كذلك وزارة الأوقاف والإرشاد ووزارة التربية والتعليم ومعهم أيضًا وزارة الداخلية والقضاء فيجب العمل على استصدار قوانين منظمة لعمل هذه الجهات في الحد من هذه الظاهرة وإنهاءها، مشددًا على أنّه يفترض على الدعاة والعلماء والمفكرين طرق مثل هذه المواضيع بشكل محبب ومرقق للنفوس بحيث تذعن اختيارًا وطواعية لا إكراهًا بالحجج الدامغة والبراهين الناصعة والأمثلة المقنعة، وقد فعلها كثير من الوعاظ والمرشدين ونجحوا في ذلك نجاحًا باهرًا، مؤكدًا على أهمية الاهتمام ببرامج التربية والتعليم والإسهام في الفاعل في نشر القيم الأخلاقية والمظاهر السلوكية الإيجابية ونبذ السلبية المقيتة التي تهدم بنيان المجتمع من أساسه، مضيفًا بأنّه من السبل التي تعمل على الحد من هذه الظاهرة هو إحياء جانب الإيمان بالله في النفوس وإشاعته في واقع الحياة وفي حديث الناس واهتماماتهم فالحاجة ماسة لتنظيم حملات لرفع منسوب الإيمان في قلوب ونفوس الناس لأننا بذلك سنخلق مجتمعًا مؤمنًا إيمانًا حقيقيًا قادرًا على التغلب على الكثير من المعوقات والمصاعب في واقع الحياة، مددًا على أنّ لوسائل الإعلام الدور الكبير في ذلك أيضًا وذلك من خلال تنقيتها من كل مظاهر التحريض على هذا السلوك الفكري المنحرف بل يجب عمل مصفوفة برامج وأعمال تسهم بشكل كبير في خلق رأي عام يدعو إلى نبذ مثل هكذا إخلالات فكرية خطيرة على المجتمع برمته. ينتشر بشكل سري من جانبه يعتقد الباحث الإجتماعي الأستاذ أحمد الطارش، بأنّ الإلحاد في السعودية ينتشر بشكل سري ومقنن، وتغير الاهتمامات لدى السلطات المختلفة أدى إلى الغفلة عن أشياء خطيرة تنتشر، مشددًا على أنّ نشر الإلحاد في المجتمع السعودي يخدم كل خصوم الإسلام أو خصوم التيار الإسلامي بكل أطياف هؤلاء الخصوم، لأنّه بوجود الإلحاد لدى فئة من شباب هذا الوطن يكون المُستَهدِف حيث أنّ وجود الفراغ في هذا المجتمع يمكن ملؤه بعقيدة أخرى، فالتبشير بالنصرانية أصبحت طريقته ليست الدعوة للنصرانية مباشرة بل أصبح حريصًا على نشر الإلحاد ليحدث فراغًا في المجتمع ثمّ بعد فترة يتم ملء هذا الفراغ، ويتم اتباع هذا المنهج حتى لا تكون هناك مصادمة مع المجتمع أو مصادمة بين عقيدتين، وقد أخذ هذا من المبشرين بالنصرانية المبشرون بالتشيع، فالمبشرون بالتشيع أيضًا أصبحوا يشجعون على الإلحاد ونشره ليكون هناك في المستقبل فراغ في المجتمع المسلم ليتم ملؤه بعقيدة التشيع فيما بعد وهكذا، ملمحًا بأنّ هذا الكلام ليس ملقىً على عواهنه بل الأدلة موجودة، وتتبع علاقات المسؤولين عن نشر الفكر الإلحادي يؤدي لذلك، فمثلًا صاحب الشبكة الليبرالية المتهم بالإلحاد نعرف داعميه ماديًا ومعنويًا وكذلك نعرف صاحب مؤسسة (الكينونة المتناغمة) وتاريخه العقدي، وغيرهم. الجهات التربوية يرى الطارش، بأنّ الجهات التربوية لها الدور الأبرز في التصدي لهذه الظاهرة وخصوصًا الأسرة، فكثير من الأسر تغفل عن رغبات أبنائها في الظهور والتميز، وفي سن معين تجتاح هذه المشاعر الشاب أو الشابة في التميز، فيحتاج هنا لرعاية الأسرة والتفاتها في توجهاته، مؤكدًا بأنّ الإلحاد أول موارده هو الثقافة إذ أنّ الإبداع الفكري لدينا محاصر بالحداثة التي هي أداة من أدوات الإلحاد، ولذلك لا يستطيع الشاب المبدع في الأدب البروز إلا إذا مال لشيء من صبغات الزندقة ليبدو مبدعًا ومخترعًا في التصوير أو التعبير حتى ينساق في هذا الطريق مع مرور الزمن، ثمّ تأتي من حيث المسؤولية المدرسة والدوائر المسؤولة عن الأنشطة الطلابية فيها، مشددًا على أنّه من الظلم أن نحمل السلطات الحكومية ما لا تحتمل لأنّ مسؤوليتها المحاسبة واستقبال البلاغات، فإذا قصرت في هذا الجانب يكون عليها اللوم، ولكن المتابعة تكون مهمة المجتمع أولًا لا مهمة الحكومة. الإعلام ثم الإعلام وحول طرق الحد من انتشار ظاهرة الإلحاد، يعتبر الطارش بأنّ المسؤولية تقع أولًا على كاهل الإعلام، لأنّ الإعلام هو أول وسائل تشجيع أو مكافحة أية ظاهرة مجتمعية، وإذا نحينا الإعلام جانبًا نكون قد غفلنا عن المشكلة فالمشكلة والحل تكمن في الإعلام، ومن خلال الإعلام تتوعى الأسرة، مؤكدًا بأنّ هناك وسيلة إعلامية مهمة وهي خطبة الجمعة، حيث يجب أن تتلمس مشكلات المجتمع وعلاجها، فكثير منا أصبحت صلاة الجمعة لديه عادة وقد لا يصغي للخطبة لأنّ موضوعاتها تتكرر وقد لا تلامس واقع المجتمع، ولكي يتفاعل المجتمع معها يجب تخصيص جانب من الخطبة لعلاج مثل هذه الظاهرة وتنبيه الآباء وتشجيعهم لمعرفة ما يدور وما يستجد من قِيَم قد يغفل عنها بينما هي تنتشر في مجتمعه، وليس هناك طبعًا أخطر على الفرد والمجتمع من تهديد عقيدته. المشايخ والدعاة أما الأكاديمي والداعية الإسلامي د. محمد موسى الشريف، فيؤكدّ على أنّ الإلحاد ليست ظاهرة بل هم أفراد قليلون بالنسبة إلى عموم المجتمع، مشيرًا إلى أنّ مرد هذا يرجع الي ضعف الصلة بين المشايخ والدعاة وبين هؤلاء ومرده أيضًا الي ضعف إيمان الشباب هؤلاء الذين يتأثرون بالشبهات سريعًا ومرده أيضًا إلي ضعف البرامج الإيمانية والفكرية والثقافية الموجهة إلي الشباب، منوهًا على أنّ الجهات التي يقع على عاتقها مثل هذا الأمر، تتمثل في وزارة الإعلام والرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التعليم وأئمة المساجد والدعاة والعلماء، معتبرًا بأنّ السبل والطرق للحد من هذه الظاهرة، تكمن في حسن التربية للشباب وإصلاح وسائل الإعلام وعمل لقاءات مفتوحة مع المشايخ والدعاة وتعميق الإيمان لدى الشباب ببرامج الإعجاز في الكتاب والسنة ليتيقنوا أنّ القرآن صحيح والرسول -صلى الله عليه وسلم- صادق.
الزاملي: الإلحاد لا يعدّ ظاهرة بين السعوديين من جهته يرى أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة أحمد الزاملي، بأنّ الإلحاد لا يعدّ ظاهرة بين السعوديين بل تعدّ مسألة نادرة ضيقة بدء بها بعض الشباب الذين غرر بهم وهم يعيشون في وحل الجهل وقاموا بإظهارها إما بدافع مالي أو طلبًا للشهرة بزعمهم، مؤكدًا بأنّه لا بد من أن ننطلق في وصفها بمشكلة اجتماعية لا ظاهرة حتى نعطي الموضوع حجمه الحقيقي دون مبالغة ربما تؤثر في قبوله لدى المحققين، مشيرًا إلى أنّ المملكة لم تصل إلى وضع نظام واضح يتعلق بالجرائم الإلكترونية مما صنع فجوة بين تطبيق النظام على مرتكب تلك الجرائم، هذا بالإضافة إلى أنّ البعض ربما يتسمى بأسماء مستعارة بأبناء هذا البلد ويبث من خلالها سمومه، مشددًا على أنّ الجهات المسؤولة عن هذا هي المحاكم بالصفة النهائية لإصدار الحكم أما تتبع هذا فيقع على المحتسبين من طبقات المجتمع، أما كجهة رسمية فهو من تخصص الاستخبارات والمباحث في الدولة، منوهًا على أنّ القائمين عليها ليس لديهم مؤهلات شرعية تجعلهم يستطيعون تجريم الفاعل لها، معتبرًا بأنّ السبل للحد من هذه الظاهرة يكمن في نشر العلم والتوحيد الصافي والتحذير من الشرك.
العبدلي: يجب الاجتهاد أكثر بملاحقتهم ومحاكمتهم وفي سياق متصل يشير المحامي والناشط القانوني الأستاذ خالد العبدلي، إلى أنّه سبق وأن تمّ اقفال أحد المواقع الالكترونية التي تنشر بعض هذه الافكار بموجب حكم قضائي، منوهًا على أنّ من الأسباب انتشار الظاهرة هو انفتاح الشباب على هذه المواقع وعدم وجود التوعية السليمة للحذر من هذا الفكر المنحرف، مشيرًا إلى أنّ الجهات الضبطية هي المعنية في المقام الأول بالتحري وضبط مثل هذا النوع من المخالفات مثل وزارة الإعلام والقضاء وهيئة الأمر بالمعروف وكذلك هيئة الإتصالات وتقنية المعلومات، مشددًا على أنّه قد نص النظام الأساسي على تحكيم الشريعة الاسلامية فمن اعتنق الإلحاد ونشره فهو مخالف للنظام وخاضع للملاحقة القانونية، مؤكدًا بأنّ السبل للحد من مسألة الإلحاد هو الاجتهاد أكثر بملاحقتهم ومحاكمتهم بالإضافة إلى طرق سبل المناصحة والاستتابة قبل ذلك والتي من شأنها أن تعمل على الحد والتقليل من هذه الظاهرة إضافة إلى التوعية بمخاطر الإلحاد بين فئة الشباب والعمل على تشجيع الشباب على الإنفتاح على المشايخ والدعاة وتضييق الفجوة بينهما وهذا يعدّ من أهم الطرق التي ستسهم في درء مخاطر الإلحاد ونشرها بين فئة الشباب نتيجة للفراغ الحاصل بينهم.