اكتسبت الأفلام الوثائقية أهمية خاصة في زمن الحروب، فأصبح المراسل العسكري والمصوّر الصحفي يحظيان باهتمام خاص من الجرائد الكبيرة المحترمة التي تهتم بنقل الحقائق للقراء وتأكيد مصداقيتها بالصورة الحية التي تلتقط من ميدان المعركة. والاتجاه الواقعي ليس مجرد تقديم الشخصيات المألوفة والشائعة والموضوعات المستمدة من الطبيعة والواقع فحسب، وإنما الكشف أيضًا عن تفرّد البشر أو تشابههم في الصفات مع غيرهم من البشر. والواقعية في الفن تنبّه الناس إلى جمال الطبيعة والمخلوقات وتهتم أيضًا بتصوير العلاقات الاجتماعية التي ينشغل بها الناس والقوى التي تتحكم فيهم والروابط والمصالح المشتركة بينهم. ويستمد الاتجاه الواقعي في مجال الفيلم التسجيلي مادته الفيلمية من الواقع المباشر للحياة في المدن والقرى والأزقة والمصانع والأسواق، إلى غير ذلك من الأماكن في محاولة لإبراز ما يكمن تحت السطح وإلقاء الضوء عليه، وهو بذلك يتولى إعادة صياغة الحدث وإظهاره برؤية جديدة تعبّر عن وجهة نظرالمبدع لم يسبق أن تطرّق إليه أحد من قبل، حيث تبدو مادة الواقع العادي بعيدة عن أن تكون موضوعًا لعمل فني، ولكن المخرج يعيد صياغتها وهي بهذا لا تحتاج إلى الذوق السليم فحسب، وإنما تحتاج أيضا إلى الإلهام الفني وجهد شاق خلاق والنفوذ إلى أعماقه. ليتناول الموضوع وتسليط الضوء عليه. ولهذا يمكننا القول أنه بظهور الاتجاه الواقعي في مجال الفيلم التسجيلي أمكن تصوير الإنسان ومشكلاته وقضاياه في مواجهة الحياة العادية اليومية وجنون المدينة بتناقضاتها العديدة، فالاتجاه الواقعي يمثل أنقى درجات الواقعية في مجال الفيلم التسجيلي. ولذلك بدأ الاهتمام في جائزة الأوسكارالعالمية بمنح جائزة خاصة لأفضل فيلم وثائقي ينتج سنويًا، والأوسكارأحد أهم الجوائز العالمية التي تمنحها أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية الأمريكية بكاليفورنيا في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتُمنح هذه الجائزة للأفلام الوثائقية الطويلة، وتُعتبر هذه الجائزة أهم وأرفع الجوائز التي تختص بالأفلام الوثائقية، ولا يزال الجدل مستمرا حول التصويت للأفلام الوثائقية ومنحها الجوائز والتقدير الذي تستحقه، وخاصة بعد أن أُثبتت أهمية هذة الأفلام في تغيير الواقع وتحسين حياة الإنسان. ناقدة ومخرجة سينمائية