استطاع موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر» جذب العديد من الكتاب إلى ساحته والخوض في تفاصيله وتدويناته التي لا تزيد على 140 حرفًا، ولم يتوقف الحال عند هذا بل كان ولا يزال مسرحًا للكتابة والنص الأدبي وتشكيلاته الجديدة التي تجد من خلال هذا الموقع فرصة مواتية للظهور والانتشار على الساحة الإلكترونية الجديدة التي تتسّيد المشهد هذه الأيام. ومع كل التجارب التي انتهجها كتاب النص الأدبي عبر هذا الموقع إلاّ أن الخلاف تأجج من جديد عمّا هو نص أدبي في قالب إلكتروني، وما هو نص إلكتروني يحمل في طياته ملامح جنس أدبي جديد لا يمت للأجناس المتعارف عليها بصلة وقد يستفيد منها، ومما يحسب لكثير من القائمين على مؤتمرات وملتقيات الأدب في الشرق والغرب هو إدراجهم لهذا المحور ليكون محلّ نقاش ودراسة من قبل كثير من الباحثين للخروج بصورة واضحة حول هذا النص الأدبي الجديد. ويعد موقع «تويتر» واحدًا من العديد من المواقع الإلكترونية التي حفلت بالعديد من المعرفات لأجناس عديدة من النص الأدبي كالشعر والقصة والقصة القصيرة جدًا، كما شهد إطلاق العديد من الأوسمة «الهاشتاقات» التي تدعو إلى كتابة بيت شعري أو قصة قصيرة جدًا في ضوئه، مما أوجد تعالقًا كبيرًا بين النص الأدبي ووسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة. ويبرز هذا الأمر جليًا بعد استخدام موقع ك»تويتر» لإنتاج نص القصة القصيرة جدًا كمثال واحد من أشكال الكتابة الأدبية التي حفل بها هذا الموقع، ونشرت العديد من التجارب، ووصل الأمر إلى طباعة كتاب يحوى عددًا من تلك المحاولات الأدبية، ولعل الأمر هنا لا يتعلق بعدد الحروف لكتابة نص قصصي قصير جدًا بقدر ما هو متعلق بإمكانية استيفاء الشروط الفنية والشكلية لهذا النص المنتج عبر هذا الموقع المحدد، وقدرة هذا النص أن يكون مدهشًا ومختزلًا ويتجاوز القوالب التقليدية، ومستخدمًا لوسائل التقنية الحديثة ومحتفظًا في الوقت ذاته، بأسسه الفنية، ولعل هذا ما جعل كثيرًا من النقاد يتحفظون على هذا الشكل الجديد، وبلا شك فهو أمر حري بالدراسة والبحث للوصول إلى صورة واضحة، من خلال كثير من النماذج الكتابية التي يعج بها هذا الموقع الإلكتروني وغيره. وينسحب هذا الأمر برمته على جميع الفنون والأشكال الأدبية، فهو متعلق بمدى استيعابها لأساليب التقنية الحديثة، للخروج بنص رقمي مختلف عمّا هو مشاع اليوم عبر هذه المواقع التي لا تعدو أن تكون منصات إلكترونية لجنس أدبي معين، أما الصورة الجديدة والمتحولة لهذين الفنين عبر وسائل ووسائط الإعلام الجديد فتتمثّل في القدرة على إنتاج نص أدبي رقمي بالمفهوم الشامل للرقمية الحديثة. وهو النص الذي يحتوي على الصور الثابتة والمتحركة (الفيديو) والمسموعة، والروابط الإلكترونية، والإحالات الإلكترونية المباشرة، والتفاعلية، والاعتماد على الأيقونات الضرورية للعمل القصصي، والمواءمة وظروف النشر الإلكتروني المختلفة عن طريقة النشر الورقي، فهذه باختصار أبرز المكونات الأساسية للأدب الرقمي المنشود. وأمام هذا كله لا يفوتنا أن نشير إلى أن الفضاء الإلكتروني اليوم يحظى بأحدث الوسائل المتطورة للنشر وأسرعها في هذا المجال، وذلك لما تتوفر به من إمكانات وبما يمتلكه من جماهيرية كبيرة ومتنوعة بين مختلف شرائح المجتمع، ولذلك يختصر النشر الإلكتروني اليوم العديد من الخطوات والطرق التي كانت في السابق، ويوفر على المبدع كثيرًا من الجهد في الوصول إلى المهتمين به وما دونهم، ويخلق بيئة تفاعلية حول النص الذي يقدمه وبصورة أوسع مما كانت عليه في السابق في النشر التقليدي أو الورقي.