تردّدت قليلًا قبل كتابة مقالي هذا، متوجهًا به إلى معالي وزير الصحة المكلّف المهندس عادل فقيه، لعلمي بالتحدّيات التي تواجه معاليه في مرفق حيويّ حسّاس تململ كثيرون من سوء خدماته، وتأخّر مشروعاته، وعانوا مرارة ضعف أدائه، فضلًا عن مواجهة معاليه لملف "كورونا"، وتدارك الأخطاء المحزنة التي صاحبته، والحاجة إلى ضخ دماء جديدة في مفاصل وزارة الصحة. وفي خضمّ هذه الفترة العصيبة للوضع الصحي، أقول لمعاليه: أرجو أن لا يفوت معاليكم النظر بعين الإنصاف والتقدير إلى إخوانكم الممارسين الصحيين، والعمل على حل قضاياهم العالقة، ففي رأيي قد تم تهميش كثير منها خلال السنوات الماضية، وتجاهل بعض حقوقهم ومطالباتهم، إلى درجة استمراء بعض الصُّحفيين الهواة، تصوير الأطباء السعوديين وكأنهم في مواجهة محتدمة مع مجتمعهم، أو خصوم لوزارة الصحة، وإظهار أكثرهم بأنهم جشعون أنانيون، مستهترون غير ملتزمين، بعد أن تم إقرار كادر صحي فيه استخفاف للمجتمع الصحي، وانقاص للمتميّزين، لتسببه في هجرة الكفاءات، وقتْلٍ للإبداع، جراء تخفيض الرواتب وتجميدها، ومساواة جميع التخصصات الطبية والصحية ببعضها دون تفاضل يُذكر، وإلغاء مكافآت الأطباء في المستشفيات التخصصية والمرجعية، فضلا عن مطاردتهم كالمجرمين خلال عملهم في القطاع الخاص بعد انتهائهم من دوامهم الحكومي. ولا يفوتني الدعوة إلى سرعة تطبيق نظام تأمينٍ شامل للمواطنين طال انتظاره، ليضمن إيصال الخِدْمات الصحية الأولية والمتقدمة المستحقة إلى جميع المواطنين دون استثناء، إضافة إلى العمل على إنصاف خريجي الدبلومات الصحية، وحل قضيتهم العالقة. لعل بعض هذه القضايا لا تمثّل أوّليّة لمعالي الوزير في الوقت الراهن، إلا أن من الضروري -في رأيي- إقرار نظام تدوير المناصب القيادية، لضمان بقاء الأصلح، ومحاسبة الفاسد، والعمل دون تأخير على رد الاعتبار للممارسين الصحيين السعوديين، وإقرار الأنظمة التي ترفع معنوياتهم، وتجبر خواطرهم، واستشارة أهل الكفاءة والاستعانة بالمتخصصين منهم في رفع كفاءة المسشفيات الحكومية والخاصة، فقد اعتمدت الصحة سابقًا على شعار "المريض أولًا"، وهي إستراتيجية صحيحة ومنطقية، لكنها ناقصة، إذ تم إغفال حقوق موظفي الخدْمات الصحية، ومتخصصي المهن الطبية، وإهمال مطالباتهم المنطقية النظامية، كما من الواجب السماح للسعوديين منهم بالانخراط في القطاع الطبي الخاص، للمساهمة في تطويره، ومشاركته القطاع الحكومي تقديم أفضل الخِدْمات الصحية، بضوابط عادلة تضمن عدم الإخلال بمتطلبات عملهم الحكومي، تنفيذا لأمر الملك رقم (1879) بتاريخ 10 ربيع الأول 1427ه، دون ضرر ولا ضرار... وفقك الله، وجعل لك دومًا من اسمك نصيب. [email protected]