قبل أسبوعين، وعند انتظاري لحقائبي في صالة القدوم المحلي بمطار المدينةالمنورة، كانت رائحة السّجائر تَعْصِفُ بالمكان وتُعَكّر أجواءه؛ أما المصدر فكان مكتباً حكومياً داخل الصالة؛ يُجَاهِرُ موظفوه بالتدخين علانية دون حياء أو خوفٍ مِن عقوبة!! وبما أن عقوبات التدخين في الأماكن العامة مجرد حِبْر على ورق، واجتهادات جمعيات التوعية بأضرار التدخين (مع تقديرها) تقليدية لا تأثير لها؛ فلا عجب أن تكون واردات السعودية من السجائر في عام 2012، تعادل (20%) من إجمالي وارداتها من الأدوية في العام نفسه! حيث استوردت السعودية (سجائر) بقيمة (3,3 مليارات ريال)، وزنها (37,2 ألف طن)، فيما بلغت قيمة واردات الأدوية (16,5 مليار ريال)!! وأظهر تحليل نشرته (صحيفة الاقتصادية)، أن واردات المملكة من السجائر شكلت (0,56%) من وارداتها لعام (2012م)، البالغة (583,5 مليار ريال)!! وبهذه الأرقام المخيفة يأتي (التِّتِّن)، (وبلا فَخْر) في المرتبة رقم (17) في قائمة أكثر السِّلع استيراداً عندنا!! أيضاً إذا عرفنا بأنّ وَطَنَنَا في الموقع الرابع بين الدول الأكثر استيراداً للسّجائر، وبعدد مدخنين يزيد على 6 ملايين مدخن، (45%) منهم في سِنّ الخامسة عشرة من العمر، وأولئك المدخنون ينفقون في العام أكثر من (21 مليار ريال) في شراء التّبغ؛ وأضفنا لها ما تنفقه الدولة على علاج مرضى التدخين نتأكد أننا أمام كارثة حقيقية وفِعْلِيّة؛ ف (مُجْتمعنا يَحْتَرِق) بِفْعل السجائر صحياً ونفسياً ومالياً دون أن يلوح في الأفق حلول عملية ناجحة؛ فكل ما يحدث مجرد اجتهادات لم تؤتِ أُكلَهَا !! طبعاً المعالجات مهمة من الجهات المعنية، ولكن مما يُطرح في هذا الميدان: رَفْع الضرائب على السجائر، ومطاردة الشركات المصنعة والمستوردة لِتَتحَمّلَ تكاليف الأضرار، وكذا الترحيل الفوري للعمالة الوافدة التي تبيع الدّخَان للأطفال أو في أماكن المنع؛ والمهم والأهمّ العقوبات الصارمة والجادة والتشهير بالذين يدخنون في الأسواق والمنشآت العامة، مع التوعية الجاذبة في المدارس والجامعات ووسائل التواصل الحديثة!! وأخيراً لابد من تحركات عاجلة وخطوات جادة وحملة وطنية للقضاء على تلك الكارثة أو التخفيف منها؛ فالمستقبل مظلم إذا كان المتوقع وصول أعداد المدخنين في بلادنا إلى (10 ملايين) بحلول عام 2020م!! [email protected]