ما أجمل الأرض حينما ترتدي ثوبا أخضر اللون! يجعل السهول والوديان تشكل لوحة بديعة تسر الناظرين، وتزيل عن النفس كدر السنين، وتغسل الهموم كما يغسل ماء المطر النخيل والتين، فيُزيل كل ما علق بها من شوائب وطين، كيف لا وأنت بين الأشجار المورقة والرياحين،ترى العصافير تطير وتحط كأنها تشاركك شعور الشوق والحنين، مغردة بألحان لم تسمعها من ألسنة الفنانين. حقا، إنه المكان الذي لن تكون له من القالين، مهما أمضيت به من وقتك الثمين. من تجول في تلك المناطق التي هطلت عليها الأمطار مؤخرًا، يرى بأم عينيه كيف تحولت الأرض إلى واحة خضراء، أخرجت الزرع والعشب بأنواعه وأشكاله المختلفة، فصارت مقصدًا يؤمها الناس؛ ليتمتعوا بما فيها من مناظر خلابة تأسر القلوب، وتبعث الأمل، وتجدد الطاقات. ولا شك أن مثل هذه الأوقات تعد فرصة للأسر؛ كي تخرج للتنزه في فضاء رحب بعيدًا عن المدينة وصخبها، وأجوائها الممتلئة بعوادم السيارات والمصانع، فالنفوس تسأم، وتمل المكوث والرتابة؛ مما يعرضها للضجر والتقلبات المزاجية المتنوعة؛ لذا يكون الخروج للأماكن الجميلة بمثابة الدواء الذين يداوي غوائل الأمراض، ثم إن اجتماع أفراد الأسرة أو الأقارب أو حتى الأصدقاء في أحضان الطبيعة التي تفوح في أرجائها رائحة الأزهار والأعشاب، قد يذيب جليد البغضاء وما وقر في القلوب من غل أو ما شابه ذلك. ولا ننسى أن في تحول المكان من صحراء قاحلة إلى حدائق غناء، عبرة وعضة لبني آدم مفادها أن الحياة متغيرة لا تدوم على حال؛ فالمكان الذي أعجبك اليوم وأبهرك بروعته قد لا يكون كذلك بعد حين من الدهر، اليوم تحب الجلوس في ربوعه وغدًا لا تطيق ذلك حينما يأتي الصيف ويجف النبات ويصبح هشيما تذروه الرياح. م. عايض الميلبي – ينبع