«المدينة النبوية المنورة» هي العاصمة الأولى للإسلام العظيم، فهي مهبط الوحي ومهاجر الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وهي منطلق دعوة الخير إلى العالمين أجمعين، وفيها تربى الرعيل الأول من الصحابة الكرام على أيدي ورعاية نبيهم الأكرم فكانوا نموذجًا بشريًا وسطيًا واعيًا لمسؤولياتهم وتحملوا أمانة هذا الدين فانتقلوا إلى أصقاع الأرض يحملون راية الهداية لكل البشر، ولهذه البلدة الطاهرة مكانة خاصة في قلوب المؤمنين تهفوا إليها قلوبهم قبل أجسامهم، وفي هذه المدينة الرائعة ترسخت قواعد الحضارة الإسلامية الإنسانية، وارتفع البناء شامخا نحو السماء متجذرا في أعماق الأرض، لا تهزه أعاصير الدنيا، فكانت الحضارة الإسلامية الشامخة خير هدية قدمتها المدينةالمنورة للعالم منذ انطلاق مسيرتها وحتى اللحظة! لا أظن أحد من المؤمنين ومن المنصفين من غير المسلمين من يحق له أو يعن له إغماط مدينة المصطفى عليه الصلاة والسلام حقها في قيادة الإنسانية نحو الخير والمجد الحقيقي في الدنيا والآخرة، ولن يفعل ذلك سوى جاهل أو مغفل أحمق لا يعرف، أو لا يريد أن يعترف بهذه القيمة للمدينة النبوية المنورة، ولذلك فإن الحديث عن انطلاق جامعة عالمية تتبوأ مكانتها الحقيقية في قمة جامعات العالم لن يكون حديثا تافها أو وهما أو مجرد خيال، ولن يقر قرار لأي عاقل لديه ذرة من إيمان بالله ورسوله حتى يرى بأم عينيه قيام هذه الجامعة التي تختلف تماما عن أي جامعة عداها ولو كانت تحت المظلة الإسلامية أو الشريعة، ولنبدأ من عنوان الجامعة، فلابد أن تتشرف بالانتساب إلى النبي الكريم عليه الصلاة والسلام (الجامعة النبوية) لأنها ستستمد كل مكوناتها من سيرة وشخصية النبي العظيم عليه أفضل الصلاة والسلام. أما مكونات الجامعة فيمكن أن تشمل تخصصات وعلوم ودراسات قد يكون بعضها متوفرا في الموجود من الجامعات العربية والإسلامية، لكن قد يكون البعض الآخر تتفرد به عن شقيقاتها، فعلى سبيل المثال: أن تكون منها كلية للطب النبوي، وأخرى للدراسات الأسرية والاجتماعية، وثالثة متخصصة في عموم السيرة النبوية، ورابعة للدراسات الهندسية وخامسة للعلوم، وهكذا يمكن إطلاق هذا المشروع الحضاري العظيم من عاصمة الإسلام الأولى، وخاصة في هذا العصر الذي تتزاحم فيه المؤسسات العلمية على ريادة العالم وقيادة الإنسانية في دروب الحياة، ولن يكون أفضل من هذه الجامعة النبوية ومن المدينة النبوية المنورة! ولعل من المهم جدا ذكر التبريرات لهذا المقترح الذي قد يجد معارضة من قبل بعض من يعيش حساسية مرهفة لكل ما يتصل بالسيرة النبوية الطاهرة وشخصية النبي الكريم فيسلط أسهمه نحو ظنون البدعة والشركيات وإشغال الناس عن صفاء الدين (كما يرى هو)، ولكن لو علم هذا المصاب بداء هذه الحساسية المفرطة والتي تتخطى حدود المقبول والمنطق أن بعض أبنائنا وبناتنا في هذا البلد خاصة وعامة بلاد الإسلام يجهلون تاريخ دينهم الصحيح والمجد الحقيقي الذي حققته حضارة الإسلام، بل أن من المعيب أن يكون من أبناء هذا البلد من يجهلون سيرة نبيهم وحقائق دينهم، لذلك أصبحوا يتهافتون على الرموز البشرية التافهة التي ذاع صيتها وانتشرت صورها وأسماؤها أكثر من أسماء صحابة رسول الله وزوجاته الطاهرات العفيفات رضوان الله عليهم أجمعين، ناهيك عن الجهل بأصول الدين وأوليات العبادة، فعندما تتفرغ جامعة من جامعاتنا العديدة لاتخاذ منهج علمي ومعتدل للتعريف بهذا الدين ونبي الإسلام ومنطلقات الحضارة الإسلامية الرائعة فليس بالكثير على مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا هذه البلاد ولا بلاد المسلمين عامة، ودعونا نعمل ونخطط لإعادة مجد هذه الأمة ونصنع حضارة منطلقة من أعماق ديننا وسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام. [email protected] [email protected]