مع انطلاق المؤتمر الدولي حول سورية جنيف 2 بهدف البحث عن حل لنزاع عسكري مدمر مستمر منذ 3 سنوات، حيث يجتمع للمرة الأولى الطرفين المتقاتلين في حضور نحو 40 دولة وبرعاية الأممالمتحدة، في مدينة مونترو السويسرية على ضفاف بحيرة ليمان. وفيما يعتبر تشكيل حكومة انتقالية وتوفير ممرات آمنة ومكافحة الإرهاب، جميعها خيارات مطروحة على طاولة الحوار في مؤتمر «جنيف 2»، فإن تشبث جهات مختلفة بواحدة أو بأخرى من هذه الخيارات المتعارضة يجعل التوقعات بشأن نتائج هذا المؤتمر أكثر تعقيدًا. ومع اختلاف توجهات الحكومة والمعارضة السورية، تبقى كفتا الميزان معلقتين في الهواء بانتظار ترجيح إحدى التوجهات. والهدف الأول للمعارضة السورية المشاركة في المؤتمر، ممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، «التنفيذ الدقيق لبنود مؤتمر جنيف 1 وتشكيل حكومة انتقالية»، فيما قال عضو الائتلاف هيثم المالح تصريحات إعلامية: «إن الهدف من جنيف 2 هو تنفيذ بنود جنيف 1 بحذافيرها، وكل ما هو غير ذلك لا يمثل حلا للأزمة السورية»، وأضاف «لا بد من سحب الأسلحة الثقيلة من الحكومة السورية ووقف القصف وإطلاق النار، بالإضافة إلى تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحية لها سلطة على مؤسسات الدولة والجيش». وفي ما يتعلق بالأصوات الداعية إلى إقامة ممرات آمنة في سورية، باعتبارها جانبًا مهمًا من النتائج التي يجب التوصل إليها في «جنيف 2»، قال المالح: «إن تشكيل ممرات آمنة هو مجرد تحصيل حاصل، فوقف إطلاق النار والقصف لا يجب أن يتعلق بممرات بعينها». مباحثات صعبة لن يكون من السهل إطلاق عملية البحث عن السلام بعد حرب تسببت بمقتل 130 ألف شخص وبتهجير الملايين، ويأتي إليها الطرفان الأساسيان المعنيان بالحل بأهداف متناقضة تمامًا. ففي وقت تعلن المعارضة أن الهدف الوحيد من مشاركتها في جنيف-2 الذي انطلق من مونترو، هو إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد بكل أركانه، يقول النظام: إن هذا الموضوع «خط أحمر»، ويؤكد أن القرار الوحيد المقبول من جنيف-2 هو توحيد الجهود من أجل «مكافحة الإرهاب» الذي يتهم المعارضة بارتكابه على أرض سورية. وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم بعبارات حازمة: إن «النظام والرئاسة خط أحمر»، وأضاف: «إن موضوع الرئيس والنظام خطوط حمراء بالنسبة لنا وللشعب السوري ولن يمس بها أو بمقام الرئاسة»، وكان الرئيس السوري أكد في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس نشرت الاثنين، أن هناك «فرصًا كبيرة» بأن يترشح لولاية رئاسية جديدة في 2014. فيما أكد مستشار رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية منذر إقبيق حسب تصريحات إعلامية أن المعارضة جاءت إلى جنيف-2 بهدف «التخلص من الطغيان، من أجل الحرية ولننتهي من الدكتاتورية ونبني سورية الديمقراطية التي ننشدها»، وأضاف «جنيف بداية النهاية لبشار الأسد، والمسار الانتقالي يعني تغيير السلطة نحو سورية الجديدة»، واعتبر أن «الإرهاب هو ما يمارسه الأسد تجاه شعبه من تجويع وقتل وتدمير وتعذيب، ولا توجد مؤشرات على قدرة المؤتمر على تحقيق الكثير على صعيد تعبيد طريق الحل السوري». آمال محدودة وبدت الآمال محدودة لدى الجميع بتحقيق تغيير جذري نحو الحل، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية رفض الكشف عن اسمه: «لا أعتقد أن أيًا من الذين تعاملوا مع المسؤولين السوريين يتوقعون تقدمًا سريعًا»، وأضاف: «على الجميع أن يدرك أن هذه بداية آلية ولن تكون سريعة، هناك حاجة إلى كثير من الصبر والثبات». فيما قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «لا يجب أن نرفع سقف انتظاراتنا، لن ينتصر السلام فجأة خلال هذه المحادثات». وشدد على ضرورة اعتماد «سياسة الخطوات الصغيرة»، لا سيما على الصعيد الإنساني. بينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: إن الهدف هو تحقيق «تقدم نحو السلام» مع الالتزام بالدعوة التي وجهتها الأممالمتحدة والتي تتحدث عن بناء «حكومة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة» على قاعدة التوافق.