قدّرت جمعية البر الخيرية أن نحو 4500 طن من الأطعمة تتبقى يومياً من موائد الصائمين في رمضان، مبينة أن أغلبية الأطعمة الفائضة يتم رميها وعدم الاستفادة منها رغم أن كل أسرة يمكن أن تطعم شخصاً واحداً على الأقل طوال شهر رمضان المبارك. ويتضح من هذه الإحصائية أن ثقافة الإسراف لا تزال سائدة في موائد عديدة من الأسر السعودية، خاصة في شهر رمضان الكريم وخاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتحديداً المواد الغذائية، حيث أن سياسة تصريف الفائض بشكل مناسب في المجتمع السعودي ضعيفة لدى الأغلبية حتى لدى الأسر ذات الدخل المحدود، وعلى الرغم من أن الإسراف في كل شيء مذموم ومنهي عنه ، ولا سيما في الطعام والشراب، وخاصة في الشهر المبارك. في حين توقعت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) زيادة الضغوط التضخمية في المملكة خلال الربع الثالث من العام الحالي 2013، نتيجة زيادة الطلب المحلي على السلع الغذائية في شهر رمضان المبارك، وذلك على رغم الانخفاض الحاصل في أسعار الغذاء العالمية. حيث أن إن معدل التضخم سجل في الربع الثاني من العام الحالي ارتفاعاً سنوياً بنسبة 3.8 % مقارنة بالربع المقابل في 2012، وسجل ارتفاعاً بنسبة 0.6 %مقارنة بالربع الأول من العام نفسه، وكذلك فإن مؤشر أسعار الأغذية العالمي سجل انخفاضات متتالية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وبلغ مؤشر أسعار الغذاء في (يونيو) الماضي نحو 211.3 نقطة، نتيجة انخفاض المجموعات المكونة للمؤشر باستثناء مجموعة اللحوم التي ارتفعت بنحو 3.5 نقطة. كما أشار تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يوليو إلى انخفاض ضعيف في معدلات التضخم في الاقتصادات الناشئة والنامية في 2013، لتصل إلى 5.93 % مقارنة بنحو 5.92 % لعام 2012، وتراجع معدلات التضخم في الاقتصادات المتقدمة إلى نحو 1.69 % في عام 2013، مقارنة بمعدل 1.96 % عام 2012. وهناك سلبيات كبيرة في التعامل مع فائض الأطعمة التي قد تُرمى ولا يُستفاد منها رغم أنها جيدة وصالحة للاستخدام، حيث أن رمى الفائض من الأطعمة وتحديداً في الأحياء الفقيرة مفجع بكل المقاييس ، وخاصة الأرز الملقى بجانب حاويات القمامة. إن الإسراف والتبذير يعدان من أعظم المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية التي تهدد الإنسان والدول والأمم ولذلك يجمع جمهور الفقهاء والعلماء والدعاة وغيرهم على أنها من نماذج الفساد الاقتصادي والاجتماعي الواجب تجنبه. فالإسراف والتبذير من السفه المالي ويعتبر إهداراً للموارد الاقتصادية وهلاكاً للأموال وزيادة في النفقات بدون فائدة وتبديداً للطاقات، لذلك فإنهما يسببان الإرهاق لميزانية الأسرة والدولة ويعوقان التنمية، وبالرغم من تيقن معظم المسلمين من حرمة الإسراف والتبذير إلا أن هناك المليارات من الأموال تبدد في هذا المجال . إن الشريعة الإسلامية تحرم الإسراف والتبذير بكل صوره وأشكاله وذلك لحكم عظيمة وأهداف سامية تبرز في تنمية معنى القصد في الغنى والفقر وضبط الإنفاق في حالات اليسر والعسر. وأخيراً .. تتمثل عقوبة الله تعالى للمسرفين، في أنه جعلهم إخوانا للشياطين وذلك في قوله تعالى في سورة الإسراء: " إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا." (أية 27)، كما حرم الإسلام التبذير والإسراف لما فيهما من سفه وتفاخر، بينما الإسلام شريعته تحث على الوسطية في كل شيء والعدل في كل شيء والإسراف فيه خروج عن المألوف وافتعال للإنفاق في غير فائدة وتبديد للثروات فيما لا عائد من ورائه.. والله الموفق..