في ظل الكثافة الكبيرة التي يشهدها المسجد الحرام في المراسم وتحديدًا في رمضان والحج ظهرت فكرة تفتيت هذه الكثافة البشرية في الحرم من خلال إيجاد جوامع محورية على أطراف المنطقة المركزية بطاقات استيعابية كبيرة تصل إلى 60 ألف مصلٍّ، وذلك لامتصاص الكتل الكبيرة التي تقصد الحرم بهدف الصلاة فيه، مع ربطها بمجموعة من المحاور يمكن إيجادها لتصل ما بين المسجد الحرام ومخارج مكة من جهاتها الأربع، وتفريغ المسجد الحرام للحجاج والمعتمرين الذين يؤدّون مناسك الحج والعمرة ولعلّ أعداد المصلين الكبيرة التي جذبها جامع الراجحي الذي يقع في حي النسيم وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة في شهر شعبان الماضي أحد الشواهد القوية على أهمية إقامة مثل هذه الجوامع والتي ستسهم وبشكل كبير في خفض أعداد المصلين في المسجد الحرام. (المدينة) بدورها استطلعت آراء عدد من المختصين للوقوف على مدى أهمية إقامة جوامع كبيرة في أطراف المنطقة المركزية لتخفيف الكثافة البشرية في المسجد الحرام، وخاصة خلال شهر رمضان المبارك وموسم الحج. أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار قال: إن فكرة إقامة مساجد وجوامع في مكةالمكرمة هي من الأفكار النيرة التي تبناها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة وتم اعتمادها في المخطط الشامل لمكةالمكرمة والمشاعر المقدسة الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر في العام الماضي. وأضاف قائلاً لقد طالبت عندما كنت عميدًا لمعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج قبل عشر سنوات بنقل الشيخ محمد المحيسني إمام المسجد القطري في العزيزية إلى مسجد الخيف في منى نظرًا لقدرة هذا المسجد على استيعاب أعداد كبيرة من المصلين وبعده عن النطاق السكاني، مشيرًا إلى أن رؤية صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة تتمثل في إقامة هذه الجوامع الكبيرة ما بين الطريق الدائري الثالث والدائري الرابع، لافتًا إلى أن هناك إمكانية من حيث توفر الأراضي لإقامة هذه المساجد والجوامع خاصة عند تقاطع الطريق الدائري الرابع مع المحاور الرئيسة. وطالب وكيل وزارة الحج لشؤون العمرة الدكتور عيسى بن محمد رواس بضرورة الاستفادة من الحدود الشرعية الكبيرة للحرم، وذلك بإنشاء أربعة أو خمسة مساجد كبيرة يتسع كل منها لخمسين ألف مصلٍّ أو أكثر، ويكون أئمتها ضمن أئمة الحرم بالتناوب، مشيرًا إلى أهمية إقامتها في مواقع مناسبة على الطرق الدائرية بحيث يسهل الوصول إليها من مختلف المناطق وتبنى بجوارها عمائر كبيرة لإسكان الحجاج والمعتمرين بما يمكنهم من أداء الصلوات الخمس بطريقة مريحة، وضمن حدود الحرم، ويكون الوصول لمبنى الحرم في المنطقة المركزية لأداء العمرة أو للطواف. وأوضح أن الهدف من ذلك تخفيف الضغط اليومي على الحرم على أن تتم الاستفادة من كامل المساحة المحصورة ضمن الحدود الشرعية للحرم. وكان أمين العاصمة المقدسة الأسبق فؤاد محمد عمر توفيق قد طالب في وقت سابق عبر (المدينة) بإيجاد إستراتيجية أو مرتكز آخر يتمثل في إستراتيجية (تفكيك الزحام) عبر مجموعة من الحلول، ومنها إنشاء جوامع أو مساجد ضخمة لا تقل سعتها عن 200 ألف مصلٍّ للمسجد الواحد في كل منطقة، ومحور تحت مسمّى (مشروع السبعة مساجد) شبيهًا بطراز المسجد الحرام ويتبع لإدارة الحرمين الشريفين بحيث أن من يتولى الإمامة في هذه المساجد السبع هم أئمة الحرم. مشيرًا إلى: أن مكةالمكرمة يوجد فيها الآن خمسة محاور طرق دائرية، بالإضافة إلى منطقتين رئيستين هما منطقة الشرائع وتقع داخل نطاق الحرم ومنطقة جنوب المسفلة، وتقع أيضًا داخل حدود الحرم بحيث يصل إجمالي هذه المحاور والمناطق إلى سبع مناطق ومحاور تقع في نطاق الحرم. وأبان توفيق أنه يتوقع وحسب رؤيته الشخصية أن هذه الحلول هي التي سوف تساهم في تفكيك الزحام من خلال البدائل المقترحة، حيث إن الطاقة الاستيعابية لهذه المساجد لا تقل عن مليون وأربعمائة ألف. وأوضح توفيق: أن الله عز وجل جعل مكة كلها حرمًا ولم يجعل المسجد الحرام المكان الوحيد المخصص للحرم فأغلب المساحة الحالية للمسجد الحرام كانت في يوم من الأيام عبارة عن منازل ومن خلال التوسعة تم ضم مساحة هذه المنازل للمسجد الحرام، مشيرًا إلى أن الأولوية في الحرم للحجاج والمعتمرين.