مكة المكرمة قبلة الدنيا وجوهرة الكون رأيناها مع الأصيل فكانت الشعاع الذي يملأ المكان ورأيناها في الليل فكانت النور الذي غطى كل الأنوار فيما حولنا. ورصدت (المدينة) المشهد من على قمة 82 طابقًا استغرق الصعود إليها بضع ثوانٍ من خلال المصاعد السريعة، فيما يستغرق الصعود إليها عبر السلالم زهاء الساعة للإطلالة على أقدس مكان ومعانقة نور مكة الصاعد في السماء والمحمل بابتهالات الداعين من الطائفين حول البيت العتيق والساعين بين الصفا والمروة لترصد المشهد من قمة برج الساعة المطل على الحرم المكي الشريف. إذ كانت لحظات تاريخية ومشهدًا مهيبًا، تلاقح النور بالقداسة وتسامت الأعمال وارتفعت أصوات المبتهلين إلى الله تصعد إلى السماء داعين المولى عز وجل أن يتقبل منهم صيامهم وقيامهم وأن يغفر ذنوبهم. فعلى وقع عقارب الزمن لأطول ساعات العالم على الإطلاق ومن ارتفاع تجاوز 611 مترًا فوق برجها بوقف الملك عبدالعزيز بمكةالمكرمة، أطلت (المدينة) على المسجد الحرام ومكة بصفة عامة ترصد نبضها وهي تحتضن الزوار والعمار فاتحة ذراعيها كأم رؤوم لاستقبال من هوَت افئدتهم إليها.. تلبية ودعاء وعناق حب وشوق لأرض الطهر والسلام.. إنها المعاني التي كانت الأكثر تعبيرًا وفوق قدرات عدستنا وهي تحاول التقاط حركة الزوار والمعتمرين في الساحات المحيطة بالحرم الشريف وطرقات المنطقة المركزية. والصعود إلى البرج يتم عبر أحد المصاعد الضخمة إذ يحتوي فندق ساعة مكة على 76 مصعدًا فائقة السرعة. وصلنا إلى الدور الثلاثين لننتقل إلى مصعد آخر أقلنا إلى قمة البرج، المصعد كان سريعًا بالرغم من ارتفاع الأدوار وكأنه يسابق نبض قلوبنا.. في سطح البرج هدوء ومهابة وقرص الشمس يقترب منا وكأنه سيطبق فوق رؤوسنا. الهواء كان باردًا عقب هطول زخات المطر التي استقبلها الزوار والعمار بشغف وحب ولا تدري أيهما ينازع الآخر أكثر، برد الآفاق أم برد الروحانية؟ أطلينا من شرفة سطح البرج نحو الحرم والمنطقة المركزية وكان منظرًا يسلب الألباب بقدسيته روعته..عظيمة أنت يا أم القرى من الأرض ومن السماء. توسعة المطاف، توسعة الحرم ..وفي كل مكان من مكة ترى مشروعات عملاقة ..الطرق والانفاق.. وغيرها من المشروعات .. لقد تحولت مكة كلها الى ورشة عمل كبرى، إنها تمثل ساحات سباق متسارع نحو التغيير أو نحو الحلم لبلوغ العالم الأول.