يَشْخَص ساميا في كبد سماء المسجد الحرام أكبر هلال مذهب في العالم ، ليستقر متسنما أضخم ساعة تم صنعها حتى الآن ، بارتفاع يتجاوز نصف كيلو متر عن سطح الأرض ، رافعا ذراعيه للفضاء محاولا احتضان السماء ناقلا صوت الحق ، وناشرا صداه إلى أصقاع المعمورة. ويتربع الهلال على ثاني أطول برج في العالم ويصل وزنه إلى نحو خمسة وثلاثين طنا ، واستغرق تنفيذه ثلاثة أشهر. ويبلغ طول الهلال اثنين وعشرين مترا، بعرض أربع وعشرين مترا ، بقطر ثلاثة وعشرين مترا مقسماً إلى عشرة أجزاء ، ويحوى أعلى مسطح سكنى على مستوى العالم ، وسط البرج الذي يعد المكون الرئيسي لمجمع أبراج البيت الذي يشتمل على سبعة أبراج ويجرى تطويره ضمن مشروع وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين . ولضخامة الهلال فإنه يضم غُرفا تستخدم للسكن والتشغيل والخدمة والصيانة ، وستة مصاعد من أجل نقل الزوار إلى الشرفة المحيطة أسفل الساعات الأربع التي يبلغ عرضها خمسة أمتار. وتشِع من الهلال حِزم ضوئية بيضاء صعودا للسماء بواسطة واحد وعشرين ألف مصباح كهربائي ، تصدر منها أضواء لامعة ، ويمكن رؤيتها من مسافة تصل إلى 30 كيلو مترا. ويزين قاعدة الهلال لفظ " الله أكبر " حيث بالإمكان رؤيته من مسافة بعيدة ؛ إذ يبلغ طول حرف الألف فقط في لفظ الجلالة (الله) 23 مترا ، متوجا بالزخارف المستوحاة من التراث الإسلامي. ويضاء الهلال والساعة أثناء الآذان بواسطة واحد وعشرين ألف مصباح ضوئي تصدر منه أضواء لامعة باللونين الأبيض والأخضر ، ويمكن رؤية الهلال من مسافة تصل إلى ثلاثين كيلو مترا عبر الإشارات الضوئية ، إذ تمكن هذه الإشارات الصم ، أو البعيدين من المسجد الحرام من معرفة وقت دخول الصلاة. وصنع الهلال من مواد الفايبر جلاس المدعوم بالفسيفساء الذهبية، ليصل وزنه إلى 35 طناً، شاملة مواد التثبيت. وشُكل لصناعة الهلال فريق مكون من خمسة مهندسين ومئة عامل ، واستغرقت الصناعة ثلاثة أشهر لتنفيذه. وتعد الساعة التي تحمل الهلال بحجمها الحالي أكبر ساعة في العالم، مقارنة بمقاساتها التي تصل لستة أمثال ساعة بِيغ بين في لندن. وتتضمن قاعدة الهلال أقوى نظام صوتي وضوئي من نوعه على الإطلاق لتعزيز الرؤية في جميع أنحاء منطقة مكةالمكرمة. وتتم إضاءة أكثر من أربعة وعشرين قصبة متحركة ، وأكثر من ثمان مئة قصبة متحركة ، فيما يبلغ ارتفاع برج الساعة قرابة 250 مترا. على صعيد ذي صله فإن مشروع وقف الملك عبدالعزيز يشمخ أمام باب الملك عبدالعزيز لتمثّل صرحاً معمارياً رائداً ، ومعلماً من أبرز المعالم المعمارية في المنطقة المحيطة بالمسجد الحرام. وتتجاوز أهمية أبراج البيت الطابع الإنشائي للمشروع، لتمثّل إنجازاً رائداً يجمع بين تميّز الموقع، ومرونة التصميم. وتكامل الخدمات، وجمالية البناء. وقد صمم المشروع برؤية شاملة مبدعة ومنهجية علمية متكاملة بين وظيفة الأداء وجمالية البناء، ليصبح صرحاً معمارياً مميزاً يتيح للمستثمرين فرصاً واعدة، ويلبي احتياجات زوار بيت الله الحرام من الحجاج والمعتمرين، من خلال توفير خدمات إسكانية وتجارية وفندقية مميزة ، وتسهيل الوصول إليه والخروج منه، يربطه بشبكة أنفاق كدي والبركة والطريق الدائري الأول. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - قد رعى انطلاقة مشاريع التطوير والتأهيل في مكةالمكرمة ومن ضمنها مشروع وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين ، وبهذا المشروع العملاق أذن - أيده الله - بإطلاق أكبر مشروع وقفي ، مجسدا تاريخ الأمة العريق بطابع مختلف ورونق خاص والمدينة الاستثنائية التي تحظى برعاية كريمة سخية من باني النهضة وقائد المسيرة. ويعد وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين الذي أمر بتنفيذه خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -أحد أضخم المشاريع المعمارية في العالم حيث تبلغ مساحة البناء مليون و500 ألف متر مربع وهو مكون من 7 أبراج متلاصقة، وروعي في تنفيذها الطابع المعماري الإسلامي وبارتفاعات مختلفة يصل ارتفاع البرج الرئيسي فيها إلى 600 متراً. وتبلغ الطاقة الاستيعابية له 65000 نسمة، كما يشتمل المشروع على مسجد تبلغ الطاقة الاستيعابية له 3300 مصل ، كما يشتمل المشروع على موقف للسيارات تتسع لأكثر من 1000مركبة مرتبطة بالأنفاق الأرضية تحت المبنى، وذلك لتأمين حركة القادمين والمغادرين من النزلاء موزعة على أربعة طوابق وكذلك يشتمل على خزانات مياه تزيد طاقتها الاستيعابية عن53000 متر مكعب لضمان توفير المياه، خصوصا في أوقات الذروة، إضافة إلى الاحتياجات الإضافية اللازمة لشبكة مكافحة الحريق التي يجب أن تكون متوفرة على مدار الساعة. كما تم ربط الأبراج السكنية فيما بينها عبر جسور على ارتفاعات مختلفة للتنقل ما بين الأبراج ولاستعمالها للإخلاء السريع عند الطوارئ. كما يتضمن الوقف نظام تكييف مركزي صمم في مبنى منفصل على بعد أكثر من كيلومتر عن المشروع، وذلك لتجنب الضوضاء الناتجة عن تشغيل المبردات، كما زودت مباني الوقف بنظام تحكم ومراقبة لعمل الأجهزة الأساسية بما فيها المضخات والمراوح والمعدات الكهربائية وذلك لمراقبة عملها وتامين الخيارات البديلة في حال تعطله وروعي في مباني وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين إبراز النواحي الجمالية، والمحافظة على البيئة والطابع المعماري للمنطقة المحيطة. فواجهات مباني الوقف ترسم الطابع المعماري الإسلامي، بشكل يليق بأهمية المشروع وموقعه قرب المسجد الحرام. كما يعد الوقف مدينة متكاملة الخدمات ، إذ يحتوي على سبعة أبراج سكنية. يشمل كل برج منها على فندق، وشقق فاخرة مفروشة، وأجنحة من جميع المستويات، إضافة إلى مجمع تجاري، وأسواق مركزية، ومنطقة مطاعم ، علاوة على ذلك، فقد فرض حجم المجمع الهائل والأعداد الكبيرة من الضيوف والزوار والنزلاء توفير مصاعد وسلالم كهربائية عديدة، حتى يتسنى للجميع الحركة بكل سهولة ويسر والوصول إلى الحرم بأسرع وقت وذلك عبر 412 مصعداً في الأبراج تتحرك معظمها بسرعة ستة أمتار في الثانية، فضلاً عن 140 سلماً كهربائياً. ويحتضن المشروع مركزاً ثقافياً، بالإضافة إلى مركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لدراسة ومتابعة منازل القمر، ومركز أبحاث علوم الفلك، ومركز رصد فلكي، ومهبطين للطائرات العمودية على اتصال مباشر بجميع الأبراج السكنية ، ومركزاً طبياً متكاملاً، فضلاً عن تجهيز مقر للمؤتمرات بطاقة استيعابية تبلغ 1500 شخص، ومحطات خاصة للحافلات، بالإضافة إلى توفير أحدث وسائل الأمن والسلامة باستخدام النظام المتكامل للإنذار المبكر ومكافحة الحريق. كما زود المشروع بمحطتين لمعالجة مياه الصرف وإعادة استعمالها في دورات المياه. وتتعدد الأنشطة الداخلية للمجمع من مراكز تجارية ومطاعم ووحدات سكنية ومواقف سيارات وأماكن للصلاة وعناصر ترفيهية لتتناسب مع الجو الديني المحيط، بما يوفر لمرتادي المبنى وقاطنيه معظم الخدمات المطلوبة دون الحاجة إلى التنقل خارجه. ويتميز وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين بقربه من المسجد الحرام، وتمتعه بالإطلالة المباشرة على الكعبة المشرفة، واتصاله المباشر بساحات الحرم الخارجية ، إلى ذلك تشهد مكةالمكرمة منظومة مشاريع يجري تنفيذها لخدمة قاصدي بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة، حيث تشهد مكةالمكرمة مشاريع تطويرية عملاقة حولتها إلى ورشة عمل لا تعرف الهدوء شملت خلال السنوات القليلة الماضية توسعة المسعى الذي استفاد منه عمار البيت العتيق، واستكمال مشروع منشأة الجمرات الذي تجاوزت تكلفته المادية أربعة مليارات ونصف المليار ريال، وكذلك مشروع قطار المشاعر المقدسة وهو المشروع الرابط حركيا بين المشاعر المقدسة، ومشروع تطوير جبل عمر، ومشروع طرق الملك عبد العزيز المشروع الذي يخترق خمسة أحياء ، ويهدف إلى تطويرها بما يليق بإنسان مكةالمكرمة، ومشروع وقف الملك عبد العزيز، كون جميع هذه المشاريع تصب في مجملها في خدمة ضيوف بيت الله الحرام والمشاعر المقدسة الآتين من كل فج عميق . وتعكس مشاريع العاصمة المقدسة شمولية التنفيذ ، والنهضة النوعية في حياة المواطن. فامتدادا لمشاريع مكةالمكرمة ، يشكل مشروع تطوير سقيا زمزم الذي بلغت تكلفته 70 مليون ريال مرحلة جديدة في تاريخ تعبئة وتخزين مياه زمزم من خلال مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم في كدي في مكةالمكرمة ليدير البوصلة نحو ضمان بقاء الماء المبارك نقيا من الشوائب بطرق متطورة في آليات التعبئة والتخزين الآلي وبطاقة تصل إلى خمسة ملايين لتر يوميا، حيث أقيم المشروع على أرض قيمتها العقارية تصل إلى ثلاثة. وتبلغ الطاقة المركبة لمحطة التصفية خمسة ملايين لتر يوميا يتم ضخها عبر خطي تصفية، كل خط يتكون من مجموعة من الفلاتر الخاصة بتصفية المياه، ووحدة تعقيم في نهاية كل خط وسيخزن 10 ملايين لتر كحد أقصى من المياه المنتجة في خزان، بحيث تضخ منه المياه بواسطة مضخات المياه المنتجة وعددها أربع إلى المسجد الحرام عبر خط ناقل قطره 200 ملم من الستانلس ستيل أنشئ حديثا مع المشروع. وتتواصل مشاريع التطوير والتأهيل وتوسعة المسجد الحرام حيث شهد أكبر توسعه في تاريخه على الإطلاق لتخدم أمة الإسلام قاطبة لعقود قادمة. في صعيد آخر أثبتت مدينة مكةالمكرمة أنها ورشة عمل إنشائية كبرى من خلال المشاريع العمرانية التي تم تنفيذها أو التي مازالت تحت التنفيذ التي تشهد هذا العام زيادة في عدد الحجاج بحسب آخر إحصائية رسمية بلغت أكثر من مليون وثمان مائة ألف حاج قدموا من خارج المملكة ، الأمر الذي وضع مكةالمكرمة في حالة تأهب واحتضان دائم واستمرار في النهضة الإعمارية لتتحول إلى مدينة فندقية متكاملة ، وناطحات سحاب تلامس السماء.