مضى شهر رمضان سريعًا وأصبحنا بهذا على مشارف ليالي العشر الأواخر، تلك الليالي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها للعبادة أكثر من سابقها من أيام هذا الشهر الفضيل، وفي الحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) -متفق عليه-، وكذلك كان يعتكف في هذه العشر الأواخر، ونحن قدوتنا أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، ويجب أن نسير على نهجه في المسارعة للخيرات، والحقيقة ما أحوجنا إلى منهجية المصطفى صلى الله عليه وسلم، أقول هذا وأنا متألم لما يحدث من سجال بين بعض المشجعين في بعض المنتديات الرياضية، أو مواقع التواصل الاجتماعي الذي يخرج عن إطاره الصحيح، وأصبح شيئًا آخر غير أن يكون حوارًا، حيث تقرأ فيه القذف والشتم والانتقاص، وكلها مردها إلى الغيبة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب، بل إن بعضهم يصوم طوال النهار، ويستيقظ على الدخول للمنتدى أو مواقع التواصل الاجتماعي، ويفطر على لحوم الناس، إنها مصيبة كبرى، والأمل أن يكون داخل هذه المنتديات خصوصًا منتديات الأندية من يقوم بدور التوجيه لأمثال هؤلاء الذين قد يكونون من الخاسرين في هذا الشهر الفضيل، وأدعوهم إلى أن يستغلوا ما تبقى من شهر رمضان بالبعد عن الجدال والمراء والتنابز بالألقاب، وهذا أمر أفرزته بعض الأقلام المتعصبة، وها هم بعض المسجلين في منتديات بعض الأندية يستمرون في هذا التراشق بالكلام، وشتم الآخرين، ولا يترك بعض المشاركين في هذه المنتديات كلمة بذيئة إلاّ ويستخدمونها حتى خلال شهر رمضان الذي تصفد فيه مردة الجن، والذي كنا نتوقع أن يتوقف فيه هذا النزيف في المنتديات أو مواقع التواصل الاجتماعي، والأمل أن يستغلوا ما تبقى من هذا الشهر الفضيل فيما يعود عليهم بالنفع، ويتوقفوا عن المهاترات التي لا طائل منها، ويتحمل أصحابها الذنوب من غيبة ونميمة وكلمات بذيئة يخجل أي شخص واعٍ أن يقولها. وليعلم مرتكب ذلك أن مَن لوّث حياته بالمعاصي والآثام في سمعه وبصره ولسانه وجوارحه فقد أضاع على نفسه فرصة التطهر ومغفرة الذنوب، فلم يستحق المغفرة الموعودة، بل ربما أصابه ما دعا به جبريل عليه السلام، وأمَّن عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أتاني جبريل فقال: يا محمد! من أدرك أحد والديه فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين. قال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين. قال: ومن ذُكرت عنده فلم يصلِّ عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين. الحديث رواه ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحه، وأخيرًا أقول إن فرصة التراجع والتوبة إلى الله ممّا سبق أمر متاح لكل إنسان على ظهر البسيطة.. فقط عليه أن يكون صادقًا مع ربه حريصًا على البُعد عن ذلك، وعدم العودة إليه، أسأل الله لي ولإخواني جميعًا المغفرة من الله، وأن يوفقنا لاستغلال ما تبقى من رمضان، إنه ولي ذلك والقادر عليه.