الأحد الثلاثون من يونيو 2013 سيسجل في تاريخ مصر على أنه يوم فارق في مسيرة مصر وشعبها نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، سيسجل الثلاثين من يونيو على أنه اليوم الذي حددته حركة شبابية للخروج الكبير من أجل استرداد الثورة المصرية، اليوم الذي سبقه شهران من العمل المتواصل في الشارع لجمع توقيعات سحب الثقة من رئيس الجمهورية، جمع توقيعات تفوق الأصوات التي حصل بها د. مرسى على منصب الرئيس، الهدف الذي حددته حركة «تمرد» هو جمع توقيعات خمسة عشر مليون توقيع تفوق الأصوات التي حصل عليها الرئيس بمليوني صوت. نجحت الحركة في تجاوز العدد المستهدف بكثير، تحولت الحركة الشبابية إلى حالة عامة انتظمت خلفها كل القوى السياسية المصرية، وأكثر ما يلفت الانتباه في إنجازات حركة «تمرد» أنها أول حركة مدنية تحرك الشارع المصري بمختلف أطيافه، نجحت في تحريك المواطن العادي الذي يوصف بأنه من حزب «الكنبة»، المواطن الذي يشكو من تدهور أوضاعه المعيشية وتردي الأوضاع الأمنية، طلبت منهم جميعًا طلبًا بسيطًا هو التوقيع على ورقة سحب الثقة من الدكتور مرسي والتظاهر في الثلاثين من يونيو للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة. هدف التحرك ليس الانقلاب على الشرعية، بل العودة إليها، العودة لصاحب الاختصاص الأصيل وهو الشعب المصري لترتيب مرحلة انتقالية جديدة بعد أن عانى الشعب كله على مدار عامين ونصف من تردٍّ شامل في كل المجالات. كان بمقدور الدكتور مرسي أن يتفاعل إيجابيًا مع حركة الشارع عبر الاستماع إلى صوت الشعب، التوقف أمام توقيع أكثر من خمسة عشر مليون مواطن على أوراق تطالب بسحب الثقة منه، لكنه اعتمد طريقة الحشد المقابل للأنصار، سلك طريق الحشد في مواجهة الحشد. كانت الفرصة سانحة في خطابه الذي ألقاه مساء الأربعاء الماضي، كي يتجاوب مع المطالب الشعبية ويقدم حلولًا وسطًا للقضايا الخلافية كالحكومة، الدستور، النائب العام، أو يقبل بفكرة انتخابات رئاسية مبكرة، رفض الدكتور مرسي التجاوب مع كل هذه المطالب، وقام بالتصعيد مع المعارضة والشارع الغاضب، فضل أن يستمع إلى أصوات الحشود الداعمة دون أن يتوقف أمام حالة الانقسام الشديد التي تسود البلاد. شدد على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة والقائد الأعلى للشرطة، وهو كذلك بالفعل، لكن تذكير المعارضة بذلك كان هدفه التخويف والتلويح أيضًا بورقة تقديم رموز المعارضة إلى المحاكمات العسكرية من ناحية والتشديد على أن الجيش والشرطة وراء الرئيس. أوصل الدكتور مرسي البلاد إلى حافة المواجهة الشاملة، لكن ما يلفت الانتباه هنا هو أن الجيش المصري نأى بنفسه عن الصراع وشدد على أنه جيش الشعب وسوف يدعم الإرادة الشعبية، ومن ثم وضع ملصقات على المركبات العسكرية تقول «قوات حماية الشعب» في إشارة إلى وقوف الجيش إلى جانب الإرادة الشعبية. سارت الشرطة على نفس المنوال، وأكدت أنها بعيدة عن التجاذبات السياسية وأنها سوف تقوم بحماية المتظاهرين وتأمين الممتلكات العامة والخاصة، ووضعت على مركباتها ملصقات تقول: «تأمينكم هدفنا، سلامتكم غايتنا» في إشارة واضحة إلى أن جهاز الشرطة لن يعمل كجهاز لحماية النظام أو فصيل سياسي، بل ستعمل كجهاز لحماية الشعب، وهو قرار حكيم يعني أن الجهاز يعمل في خدمة مصر والشعب المصري. الثلاثون من يونيو 2013 هو يوم سيسجل في تاريخ مصر على أنه اليوم الذي خرج فيه غالبية الشعب المصري لاسترداد ثورته واستكمالها، لتحقيق الأهداف التى خرج من أجلها المصريون في الخامس والعشرين من يناير، خرجوا على نظام ظالم، مستبد، أسقطوا رموزه واحتفلوا بذلك مبكرًا، وبينما كانوا يحتفلون بسقوط رأس النظام، هناك من سطا على ثمار ثورتهم وبدأ عملية إعادة إنتاج النظام القديم، صبر المصريون وأعطوا الجماعة أكثر من فرصة للتوافق، لكن الجماعة أضاعت كل الفرص وواصلت عملية التمكين والعصف بآمال المصريين وطموحاتهم، فكان الخروج لاسترداد الثورة، في الثلاثين من يونيو 2013.