كشف رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى الدكتور طلال بكري ل»المدينة» أن زواج المسفار يعتبر زواجًا خارجًا عن الأنظمة التي وضعتها المملكة، وقال لو كان هناك التزام بالأنظمة لما كان هناك آثار سلبية مترتبة على أنواع الزواج، مبينًا أن هناك أبناء يمثلون المملكة بكل سلبياتهم، يقومون بالأعمال المحرّمة، والتسوّل في الشوارع. وأضاف أن عدد الأطفال السعوديين في الخارج يتراوح بين 800 إلى 900 طفل سعودي من أم غير سعودية بسبب الزواج غير النظامي. من جانبه قال الباحث الاجتماعي خالد الدوس إن فكرة زواج المسفار تبناها بعض المبتعثين للدراسة خارج البلاد من الجنسين الذين يخشون الوقوع في براثن الفتنة في بلد الابتعاث والزواج من ذات البلد لفترة الابتعاث من باب سد الفتنة، وبالتالي يحقق الاستقرار النفسي، والإشباع الجنسي، والتوازن العاطفي للمبتعثين، طالما أنهم يرون في قرارة أنفسهم أنه زواج جائز. وأمّا الإناث فمنهنّ مَن يردن الستر والتدثر برداء هذا النوع من الزواج، الذي يتضمن مفهومه الشرعي أن يتقدم الشخص في سفره بالزواج بنية الطلاق حتى يعود لبلده، أي أن الزوج يضمر في نيته الطلاق، ولا يظهر ذلك بكلامه، أو في عقد الزواج لمدة معينة، أو بطول بقائه في البلد، أي زواج لا يكون مبنيًا من الأساس على الديمومية. مبينًا أنه زواج غير جائز حسب فتوى بعض الفقهاء. وقال إن التحوّل في بنية المجتمع بسبب شدة رياح العولمة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية ساعدت في تغيّر قناعات (جيل اليوم) في كثير من الأمور والاهتمامات والاتّجاهات الفكرية التي أفرزتها الثقافة العولمية واتجاهاتها الرهيبة، ومنها التمرد على بعض قيم المجتمع ومعاييره الاجتماعية الأصيلة، وربما التغيّر في بعض مظاهر الزواج من خارج الإطار الاجتماعي مثل زواج المسفار، وزواج العطلة «الويكند». شكل انتشار هذه المظاهر اللا معيارية، وأصبح عاملاً مشجعًا للشباب في تجربة الزواج (سفريًّا)..!! كحل بديل من الزواج المحلي، خصوصًا وأن هناك بعض المعوقات مثل قضية السكن وغلاء المهور. مبينًا أن قضية زواج (المسفار) من الناحية الشرعية ما زالت محل خلافًا فقهيّاً بين الفقهاء والعلماء حيث قام بعضهم بتحريمه في حين آخرون أجازه.. مؤكدًا أن زواج المسفار لم يصل لحد الظاهرة مقارنة بزواج المسيار فما زال في بداية نموه، ومعروف أنه يكثر موسمه مع الإجازات الصيفية وفي البلدان السياحية لأنه يحتوي على عقد وشهود، ولكن جوهر الخلاف تحديد المدة وقال إن مثل هذا النوع من الزواج له آثار سلبية ربما تلقى بظلالها على المجتمع لو استفحلت هذه القضية، وتحولت لظاهرة اجتماعيه ومنها اقتصار الشعور بالمسؤولية لدى الزوجين والرغبة في ممارسة تلك الرغبة مع آخرين، كما أن المسألة قد تدخل في متاهات حال حدوث مولود بينهما، فسنرى المحاكم وربما ما هو أكبر من هذا الخلاف ما سيكون عند ولادة الأبناء وكيف سيتربون، ومدى اعتراف أبيهم بهم من عدمه، وهل ستضحي الأم من أجلهم أم تدفع بهم إلى الشارع، مؤكدًا أن القضية خطيرة وتأخذ الآثار الاجتماعية والدينية والصحية والنفسية التي ربما تلقى بظلالها عن واقع المجتمع وتنميته، وقال إن زواج المسفار زواج متعه لا يتفق مع عادات مجتمعنا وتقاليده ومخالف للشريعة السمحة، وله كثير من السلبيات. وأرجع أسباب زواج المسفار إلى انعدام السكن وارتفاع المهور في الزواج المحلي، وكثرت متطلبات النساء والغلاء المعيشي الذي جعل معظم الشباب يحملون الديون، ويتكبدون إرهاصاتها في سبيل تحقيق المطلب الإنساني وهو الزواج، وسهولة الإغراءات الخارجية وكثرتها. مؤكدًا أن ضحايا زواج المسفار هم (الأبناء) الذين يتركون هناك دون السؤال عنهم ممّا يجعلهم يعيشون حياة تعيسة وكئيبة، وربما يذهبون لأماكن مشبوهة تسيء لسمعه بلدنا المحافظ. وطالب الدوس بتفعيل دور المؤسسات الدينية من خلال تسليط الضوء على مخاطر زواج «المسفار» عبر خطب الجمعة. من جانبه أوضح عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود الدكتور محمد العنزي أن الزواج الشرعي هو الزواج المكتمل الشروط والأركان. مبينًا أن زواج المسفار يُعتبر من زواجات المتعة وليس شرعيًّا، ومحرمًا يأثم فاعله؛ لأنه محدد بأيام معينة. وقال إذا كان السفر ضروريًّا، والإنسان يخشى على نفسه الفتنة، واحتاج الزواج خشية على دينه جاز له هذا النكاح. من جانبه أوضح المستشار القانوني نايف العمري أن الأصل أن يتم هذا الزواج مكتملاً لأركانه، مثل الإيجاب والقبول، وشروطه مثل تعيين الزوجة، وشاهدي العدل، وهنا بعيدًا عن المسمّيات نحن أمام زواج مكتمل. لكن تسميته بزواج مسفار جعل حوله شبهة كونه في الغالب لا استقرار فيه، إضافة إلى إمكانية أن يكون ثمرته وجود أبناء عالة على مجتمعاتهم، مؤكدًا أنه لم يصل إلى حد الظاهرة، إلاّ أنه موجود. وقال إن ما تقوم به المجتمعات هو الزواج المتعارف عليه، والذي لا يندرج تحت أي مسمّى من المسميات المعاصرة.