يذكر لي أحد كبار السن عن صديق له كلّما ادّخر مبلغًا من المال من مرتبه قام بشراء منزل صغير في أحد الأحياء الشعبية، ويقوم بتأجيره، ثم يضيف ما ادّخره إلى مبالغ الإيجارات التي تم تحصيلها ويقوم بشراء منزل آخر وهكذا دواليك على مدى عشرين عامًا. إن الاستثمار الواضح ذات الخطوات المدروسة ولو كانت بسيطة تؤتي أُكلها ولو بعد حين، فقطار العمر يمضي فلا مكان لأولئك المترددين ممّن يقدم خطوة ويتراجع عشرات الخطوات. لذلك الطبخ على نار هادئة يعطي للطعام مذاقًا آخر لتشبعه بكل المكوّنات، وعدم احتراقها مقارنة بالطبخ السريع، أو الطبخ على نار عالية. وكذلك هو الاستثمار المقنن والمدروس والذي يبنى على أسس سليمة ذات رؤية واضحة على المدى البعيد وليس فقط لغرض الربح السريع. اشترى والدي -حفظه الله- ومجموعة من أصدقائه عدة قطع من الأراضي قبل أربعين سنة بمبلغ مائتي ريال في إحدى ضواحي مدينة جدة، وكان من حسن حظهم أنه لم يمضِ على شرائهم أقل من عام إلاّ وارتفعت أسعار الأراضي لتصل إلى آلاف الريالات، فيقول والدي: فكنت ممّن قام ببيع الأرض، ثم أنفقت المبلغ كله في رحلة سياحية، إلاّ واحدًا منّا وكان أعقلنا، فلم يبع لتصل قيمة أرضه بعد عدة سنين إلى ملايين الريالات. أي كانت نوعية الاستثمار التي ترغب فيه فعندما تقوم بالعناية به مبكرًا وتقوم على بنائه وإدارته متدرجًا في ذلك فستنعم بأصول ثابتة، وثمار دائمة -بإذن الله-. يُقال إن أشجار المانجو تحتاج من ثلاث إلى خمس سنوات لتبدأ بالنمو، وإنتاج الثمار، وخلال هذه الفترة يقوم المزارع بالعناية بها يوميًّا بلا ملل ولا كلل، والصرف عليها، والنتيجة أرباح وفيرة يعوّض بها تعب تلك السنين، فتبدأ بالعطاء لعشرين عامًا -بإذن الله وقوته-. ابدأ من الآن، واستعن بالله ولا تعجز، فقد أمرنا بالسعي في مناكب الأرض من أجل استجلاب الرزق بيقين المؤمن الذي وعده الله بأن يرزقه كما يرزق الحيتان في أعماق البحار، والطير في السماء مع النسر. ختامًا استطاع صاحبنا من شراء أكثر من (200) منزل لينعم بها هو وأبناؤه وبدون أي مجهود يُذكر. ودمتم في ثراء. [email protected]