بعد فوزه بجائزة الكتاب وتكريمه خلال الأسبوع الماضي من قبل وزارة الثقافة والإعلام كرمت اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة مساء أمس الروائي يوسف المحيميد في احتفالية مميزة بحضور كبير من المثقفين والمهتمين، بدوره قدم المحيميد شكره لعبدالمقصود على هذا التكريم وتحدث بقوله حينما كنت في العاشرة، وفي نهاية المرحلة الابتدائية، كنت قد قرأت الكثير من الروايات المترجمة، وسلسلة المكتبة الخضراء وقررت أن أحوِّل هذه القصص المنسوخة إلى قصص متحركة، وذلك برسمها على ورق مقوَّى وتفريغها، ثم تعريض الفراغات إلى ضوء مصباح يدوي في ظلام الغرفة، فتظهر صور الشخصيات على جدار غرفة أمي، بعد أن أكون قد جهّزتُ مونتاجاً صوتياً، يتضمن الحوار والمؤثرات الصوتية، باختصار كنت أقدِّم لأمي ولأخواتي الثلاث فيلماً متواضعاً، فهل كنت آنذاك أحلم بأن أصبح مخرجاً سينمائياً، ربما. لكنني ذهبت إلى التشكيل، وتحوَّلت غرفتي الصغيرة في زاوية بيتنا في «عليشة» إلى محترف تفوح منه رائحة ألوان الزيت. واضاف في الطفولة أيضاً، كنت أقضي مع عائلتنا الكبيرة، إجازة الصيف الطويلة في حقول أبي ومزارعه الشاسعة، كان الحقل المذهل في «البطين» شمالي بريدة، ضاجاً بالطيور المتنوعة، التي تتنقل بين النخل العالي، وأشجار الأثل التي تسوّر البستان، وتطل من علوها الباذخ على دالية العنب التي تمتد قرابة كيلومتر، كنت أدخل تحتها وأنصت جيداً للحشرات الصغيرة، وحينما أصعد إلى القنطرة التي تسير فيها ساقية الماء، الذي يوسوس بانسياب ولمعان فضِّي، كانت موسيقى الرياح تدفع بالأثل العالي الضخم، فيصدر صوتاً يشبه الفحيح، هكذا كنت أنصت ثلاثة أشهر، من صيف كل عام، إلى الطبيعة البديعة، وكأنما على غير إرادة وتخطيط، درَّبت حاسة البصر والسمع، في مرحلة مبكرة من عمري. واختتم حديثه قائلا :أحب الكتابة كثيراً، وأتلذَّذ بها، بل إنني أيضاً أحب الطريق التي تقودني إليها، أحب لحظة البحث عن معلومة صغيرة وغائبة، لأنني في الطريق إلى هذه المعلومة أعثر على مفاجآت مدهشة، لم أكن أتوقع أن أظفر بها، هي إذن لعبة البحث عن كنوز مخبوءة، تحت طبقات الأرض، أو في السحَّارات، أو في ورقات سِفر قديم، فما أجمل الرحلة، وما أبهى الظَفَر!.