الربذة من قرى محافظة الحناكية وتقع شرقها، وكانت بلدةً في فترة من الفترات على طريق درب زبيدة (الحاج العراقي) وعلامات الطريق (الأميال) ما زالت شاهدة عليها، وبنيت بها بركة كبيرة ونظمت لها قنوات لتحويل مياه الأمطار إليها، وإذا امتلأت البركة تبقى فترات طويلة، كما توجد مخازن للماء مغطاة وقد نمت الربذة وشكلت بما يشبه المستطيل (طوله ما يقرب كيلومتر وعرضه نصف كيلو متر تقريبًا) وقد عفا عليها الزمن واختفت تحت طبقات من الرمال وبهذا الموقع -كما تذكر بعض المصادر- قبر سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنه حيث خرج (أو أُخْرِجَ) في خلافة سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه حول اختلاف الرأي بينه وبين الخليفة عثمان رضي الله عنهما في اكتناز المال فأقام بالربذة ومات وحيدًا في سنة 32ه وهذا يظهر صدق قوله صلى الله عليه وسلم عندما أبطأ عليه بعيره في غزوة تبوك وأخذ متاعه على ظهره ثم سار يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأخر فنظر ناظرٌ من المسلمين فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كن أبا ذر، فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله هو والله أبو ذر، فقال: يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده. كما ارتبطت الربذة ببعض الصحابة كالصحابي عتبة بن غزوان رضي الله عنه والصحابي سلمة بن الأكوع الذي خرج إليها بعد مقتل عثمان رضي الله عنه وتزوج بها وقبل وفاته بزمن يسير (عدة ليال) رجع إلى المدينة حيث توفي رضي الله عنه، كما تذكر بعض المصادر أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عسكر بالربذة فترة من الوقت عندما كان في طريقه إلى البصرة عام 36ه، وقد قامت جامعة الملك سعود بجهود مشكورة حيث بدأت بالتنقيب وإبراز الآثار التي عمل الزمن على اندثارها، واكتشفت مساكن من الطين، ومساجد ومقبرة أي: أن الربذة عبارة عن مدينة صغيرة أو قرية مدفونة.. وذلك بإشراف الأستاذ الدكتور/ سعد عبدالعزيز الراشد، وقد قام الكاتب بزيارات متعددة لهذا الموقع حيث تصبح المنطقة كأنها بساطٌ أخضر أثناء الربيع، مما ذكّر الكاتب أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمى الربذة لإبل الصدقة وكان حماه الذي أحماه بريد في بريد ثم تزيّدت الولاة في الحمى أضعافًا، ثم أبيحت الأحماء في أيام المهدي، فلم يحمها أحد بعد ذلك، ووجدت الربذة عناية في بداية التاريخ الإسلامي حيث كان بعض التجار يفدون إليها ولا سيما أثناء فترات الحج، سواء في ذهابهم إلى مكة أو رجوعهم منها، وأصبحت الربذة من العلامات المميزة ولا سيما للرحالة ولمؤلفي طرق (مسالك) الحج، والرسالة تدعو الأسر لزيارة هذا الموقع التاريخي ولاسيما في أوقات الربيع لينعموا بعبق التاريخ ويستمتعوا بالهواء الطلق في ساحات الربذة التاريخية. المزيد من الصور :