حضرت يوم الإثنين 28 يناير الماضي، وبدعوة من الفنان المسرحي الكبير الأستاذ جلال الشرقاوي، مسرحية (الكوتش)، مع الصديق الفنان سمير صبري، والمنتج السينمائي الأستاذ محسن علم الدين. المسرحية بطولة طلعت زكريا ووائل نور وإنتصار وإيناس بن علي ولي لي قاسم, ومن تأليف صلاح متولي وموسيقى د.جمال سلامة, وإخراج جلال الشرقاوي الذي فاجأ الجميع بعرض مسرحيته الجديدة في وقت هرب من الساحة جميع منتجي القطاع الخاص. فمسرح جلال الشرقاوي هو المسرح الوحيد الذي يعمل في مصر هذه الأيام وقد وصلنا إلى المسرح من شوارع خلفية و"تخريمات" عجيبة لتفادي المظاهرات والمتظاهرين في الميادين الرئيسة في وسط البلد حيث يقع مسرح الفن. *** وتأتي المسرحية في إطار نقدي وإسقاطات سياسية عديدة, وتتناول الأحداث بجرأة غير عادية حيث تتناول بعض السلبيات الموجودة في المجتمع والتي تحتاج لعلاج جذري، والذي لن يكون إلا على أيدي شبابها الذي يحلم بالحرية والعدل والمساواة. ويجيء إصرار الأستاذ جلال الشرقاوي على المضي في عروض مسرحيته الجديدة مُغامراً، كما يقول باسمه وتاريخه وأمواله، بل أن هناك "من اتهمني بالجنون عندما فكرت في عرض مسرحية' الكوتش' في هذا التوقيت الذي ينشغل فيه الجمهور بالسياسة والفراغ الأمني وعدم الاستقرار والجري وراء لقمة العيش, لكن أقولها صريحة' أهلاً بالجنون' إذا كان يشكل ثقافة ووجدان شعب". *** لقد كان الفن بقطاعاته المختلفة وعلى رأسها المسرح إحدى الوسائل التي اعتمدتها مصر بعد ثورة يوليو 1952. فقد كان المسرح المصري في تلك السنوات في أوج تألقه. فقد ظهر المسرح المصري الحديث في أواخر الخمسينات بداية الستينات كمؤسسة ثقافية تقيم حواراً عميقاً وديموقراطياً مع البنية الجديدة للمجتمع التي كانت الثورة تحاول جاهدة أن ترسي أساسها. وعمل "المسرح الحر" الذي كان يقوده فنانون من مختلف المشارب السياسية، و"المسرح القومي" الذي كان الواجهة الرسمية لمسرح الدولة على تنمية الوعي الثقافي لجيل ثورة يوليو حيث لم تكن وسائل الاتصال الحديثة والتلفزيون بعد قد اقتحما الساحة الفنية والثقافية. *** لكن من المؤسف أن نرى حال المسرح المصري اليوم على هذا النحو السيئ الذي يتهم الأستاذ جلال الشرقاوي ما يسميه بالعهد البائد في إيصاله إلى هذه الصورة المزرية، وذلك لسببين أولهما استقدام فاروق حسنى، وزير الثقافة الأسبق، ما يطلق عليه المسرح التجريبى الذى اعتبره "تخريبياً"، حيث قام الوزير الأسبق بصرف 25 مليون جنيه، وأتى بفرق أوروبية سيئة ما أدى إلى انحطاط الرأى العام المصرى. والثاني: قيام العهد البائد بتخريب المسرح وهدم 29 دار عرض مسرحي وأشهرها مسرح مصر الذى تمتلكه وزارة الثقافة. لذا فإن مسرح الفن لجلال الشرقاوي قد يكون هو المحاولة الأخيرة للإبقاء على عصر الفن الجميل. * نافذة صغيرة: [[المسرح على مر العصور هو الجهة الوحيدة التي ظلت تقوم بتوعية الناس وتنتقد الحكام الذين يحيدون عن طريق الحرية والعدل, هذا هو دور المسرح منذ أيام' إسخيليوس وأرسطو' وحتى الآن.]] جلال الشرقاوي [email protected] [email protected]