* كتبت قبل أسبوعين مقالي بعنوان (بيع متحف «البنط» التاريخي في جدة بالمزاد العلني) الذي يسترعي الانتباه إلى لوحة إعلان عن البيع شرق المتحف وقد كان الإعلان مبهمًا إذ حدد المساحة المطروحة للبيع وقدرها 1702م، وقد ظن الأخ وليد شلبي الذي عرضه في موقع جمعية المحافظة على التراث في جدة على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) أن المعني بالبيع هو «البنط».. ولقد تلقيت اتصالًا هاتفيًا من معالي أمين مدينة جدة الدكتور هاني أبو رأس تعقيبًا على مقالي «المذكور»، وأكدّ مشكورًا مسترعيًا الانتباه إلى أن ما ذُكر في الإعلان لا يمس متحف الأمانة والبنط، فالأمانة تُدرك جيدًا قيمة الموقع التاريخية والاجتماعية، ووعد بإرسال تفاصيل ومعلومات تؤكد عدم دقة ما تناقلته جمعية المحافظة على التراث. * وفي تجاوب سريع مع ما كتبت، أفادت الأمانة بأنها كانت قد كلّفت مكتب استشارات بدراسة المسارات السياحية والمتاحف بجدة التاريخية لإحياء المسارات السياحية الجاذبة للسياح ورجال الأعمال في المنطقة التاريخية، وما فهمته من رد الأمانة ومحادثة معالي أمينها أنه قد تم تحديد المسار ووظيفة المتاحف وعمل التصميمات اللازمة للتنفيذ مع توفير المبالغ اللازمة، وتجري حاليًا ترسيه ذلك المشروع، وهو مشروع يستحق الإشارة والإشادة ف»جدة» أحوج ما تكون للمحافظة على تراثها وآثارها ومناطقها التاريخية. أما الشاهد في إجابة الأمانة فهو أن تلك الدراسة سالفة الذكر قد حددت البنط (محل المقال) كمتحف للحج، نظرًا لارتباط جدة التاريخي بالحجيج من عهد سيدنا الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه عن طريق البحر والميناء.. وسيضم المتحف عروضًا بالصوت والصورة والهيلوقراف الذي يُجسِّم الصور التاريخية القديمة في مجسمات ضوئية ثلاثية الأبعاد، تحكي قصص جدة والحج، ولقد استرعى انتباهي ما ذكرته الأمانة، وأتمنى على أمينها أن يراعي في التنفيذ صور المناطق التاريخية وسكن الحجيج ومناطق وصولهم ومراكبهم؛ ثم الحصول على معلومات من كبار أبناء جدة الذين ما زالوا على قيد الحياة وعاصروا خدمة الحجيج ونزولهم للسكن في بيوتهم قبل إنشاء الدولة لمدن الحجاج.. فهو تاريخ مهم في هذه الخدمة الجليلة. * أما الشاهد المهم في رد الأمانة فهو أن الإعلان الذي أشرت له في مقالي لم يكن دقيقًا وواضحًا، مما حدا بالبعض الظن بأنه يتعلق بالبنط وهو غير صحيح البتّة.. إذ أن المقصود بالبيع هو الأرض الفضاء الملاصقة لبيت البنط من الغرب وهي ملك لإدارة المتقاعدين والمعاشات وليست ملكًا للأمانة.. فالأمانة على حد تعبيرها حريصة على المتحف والبنط أشد الحرص، وسيكون من أجمل المناطق المتخصصة في جدة في القريب العاجل. * وللحقيقة فإني أشكر معالي أمين جدة على تعقيبه وتصحيحه، فقد تعوّدت منه الاتصال والحرص على تقديم المعلومات الدقيقة والتجاوب مع الإعلام.. ولعل هذا الجانب يؤكد أهمية التواصل مع الوسائل الإعلامية والكتّاب ومدّ الجسور للتعاون معها والاعتماد عليها في نشر الحقيقة، فضلًا عن توخي الشفافية والصدق الذي يُعمِّق أواصر الثقة والتعاون بما يخدم المتلقي الذي يستطيع الحصول على المعلومة الصحيحة من مصادر المعلومات المتنوعة، أما الجانب الآخر فهو لا يقل أهمية عن تجاوب المسؤول والقطاعات الحكومية، ألا وهو مصداقية وموضوعية الطرح من قبل الوسائل الإعلامية.. إذ أن ثمة من يعمل فيها -وهم قلّة بلا شك- ما زالوا يصرّون على قفشات الإثارة الصحفية التي تتصيد الأخطاء وتبحث عن المثالب وتهمل الإنجازات ولا تبرز المناقب، إذ أن الجهات تعاني من بعضهم الذين يتلذذون بتعكير المياه والصيد فيها، ولا ينشرون ما كان إيجابيًا من أداء.. وهو إجحاف كبير في حق الجهات العاملة.. فالعمل الدؤوب لا يخلو من خطأ.. وكما أن الصحافة هي مرآة المجتمع والمتلقي، فهي أمانة ومسؤولية ولا تستنكف التصحيح والاعتراف بالخطأ، فضلًا عن إبراز الجانب المضيء في عمل الجهات مثل حرصها على كشف الجوانب السلبية وهو واجبها دون شك. [email protected]