انتشر تنظيم القاعدة في شمالي إفريقيا خلال السنوات الأخيرة، وتمكن من فرض سيطرته على شمالي مالي إثر انقلاب عسكري هناك وما تلاه من فراغ أمني، ولتتبع جذور التيار المتطرف في شمال إفريقيا لا بد من العودة إلى الحرب الأهلية الجزائرية. فالمجموعات المسلحة التي روعت الجزائر طوال عقدين، هي من شقت طريقها عبر الصحراء الكبرى، وكان الطريق سهلا نسبيًا، فالمنطقة تعاني من الفقر والأمية والمرض، إضافة إلى توتر الأوضاع الأمنية والسياسية، وانعدام التعاون بين الحكومات، وقد منح ذلك المسلحين بيئة خصبة لتعميق جذورهم وإنشاء قواعد خارج الحدود الجزائرية الجنوبية. ثم ما لبثت المجموعات أن انتشرت في حزام عرضي، من السنغال، مرورًا بموريتانيا ومالي ونيجيريا والنيجر وتشاد، وصولاً إلى السودان، وبسط المسلحون تدريجيًا سيطرتهم على المناطق الشمالية من هذه الدول، وبدأوا بتنفيذ عمليات تفجير في بلدان المغرب العربي والصحراء الكبرى. وفي يناير من 2007، غير المسلحون اسم تنظيمهم من «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» إلى «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وكان تغيير الاسم رهانًا على الدعاية ودعم تنظيم القاعدة الأصلي، وهو ما يبدو أنه صادف نجاحًا حيث تبنى التنظيم الأم المجموعة وأعلنها فرعًا له في منطقة شمال إفريقيا، وبدأ التنظيم في فتح جبهات قتال جديدة، وساعده في ذلك عودة المقاتلين من أفغانستان والعراق، وفشل الحكومات في استيعابهم وإعادة تأهيلهم. كما ساهمت الحرب في ليبيا في الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة. وراقبت الولاياتالمتحدة والعديد من الدول الغربية بقلق انتشار التنظيم في المنطقة، وهيمنته على القوى الإسلامية المسيطرة على شمالي مالي، وتزايد عمليات خطف المواطنين الغربيين. وقد سربت أحاديث سياسية تشي بمخططات لتدخل عسكري هناك، وهو ما فعلته فرنسا أخيرًا خوفًا من تحول هذه المنطقة الشاسعة إلى مسرح للعمليات الإرهابية، وركيزة إستراتيجية تؤهل القاعدة للعب دور إقليمي في منطقة الصحراء الكبرى الغنية بمواردها الطبيعية، إلا أن واشنطن لا تفضل المواجهة المباشرة مع تنظيم القاعدة، بل تفضل أن تعزز قدرات القوى الإقليمية لمواجهته، عبر التدريب والمعدات لكن الاختلافات بين الحكومات الإفريقية والقوة المطردة للتنظيم في هذه المنطقة، تلقي بظلال الشك على إمكانية تحقيق هذه النتيجة، لكن أهم تحد تواجهه الحكومات الإفريقية في محاربة التنظيم، هو عدم وجود صورة واضحة عن علاقات الجماعات الإسلامية الراديكالية المحلية، مثل الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا، مع القاعدة.