بدأت يوم أمس الأول الأربعاء الإجازة النصفية، والتي تفصل النصف الأول من العام الدراسي عن النصف الثاني لجميع الطلاب والعاملين في المجال التربوي والتعليم بقسميه العام والعالي (مع التحفّظ الشديد على قصر مدّتها والتي تقلّصت حتى باتت خمسة أيام فعلية). صورة مع التحية لوزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي. والمهرجانات فرصة للخروج عن الروتين اليومي، الذي ربما يستمر لأشهر، ويروم المرء التغيير، فيحاول البحث عما يُمثِّل ترويحًا للنفس، والدخول في أجواء من الاستجمام، وقضاء بعض الوقت في النافع المفيد. ومن يُطالع الصحف يجد أن دولة مجاورة ملأت الصحف والقنوات دعاية وإعلانًا لمهرجانها، ويُصرّح القائمون عليه بتوقعاتهم له، وأن عدد الزوار سيفوق المليون، وأن عوائده ستكون بالملايين قطعًا، في الوقت الذي نعيش فيه بياتًا شتويًا عجيبًا، وكأن الأمر لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد! إن المفترض هو التفكير الاستثماري الصحيح لاستغلال كل مناسبة - بغض النظر عن مدتها - بحيث يقبل الناس على فعاليات معينة (ودعونا لا نختلف على التسمية: مهرجانات أو مخيمات.. الخ)، فالهدف هو إقامة منشط بإعداد متقن وبشكل مقنن، وتوفير الإمكانيات كافة له، واختيار موقع مناسب، ومن ثم دعوة الناس له. ولا يلوح في الأفق بوادر تصحيحية، فالسياحة لدينا لا ترضي طموحات القائمين عليها، وكثير من الأمانات تعيش مزاجية فردية؛ فالأمر عائد لأمين المنطقة أو رئيس البلدية، والحال ذاته ينطبق تمامًا على الغرف التجارية الصناعية، ليجد المواطن نفسه - في نهاية المطاف - يعيش فراغًا يزيده مللا ولربما أودى به إلى الكآبة. وهنا يتساءل الكثيرون عن المسؤولية الاجتماعية للبنوك والشركات والمؤسسات الكبرى، ودورها الغائب في مثل هذه المناسبات، ففي بعض الدول تقوم هذه الجهات بمبادرة منها بتمويل برامج وفعاليات تعود بالنفع على المواطن والمقيم، وتحقق بذلك عوائد دعائية وإعلانية كبيرة جدًا نظير ما أنفقته على تلك الفعاليات أو ذلك البرنامج أو المهرجان. ويبدو أننا لا نعايش العالم ولا نتعايش مع ما يقوم به؛ فبنوكنا وشركاتنا ومؤسساتنا الكبرى تأخذ ولا تعطي، وتستحوذ على الأرباح بلا أي مقابل، وكأنها تعيش في منأى عن المعاتبة والأرجح عندي أنها تظن أن لديها حصانة كاملة! وبالعودة لموضوع إقامة المهرجانات، فمن الواضح أنه لا توجد جهة معينة تقع عليها المسؤولية، ويُلزمها النظام بالتفاعل مع كل مناسبة، وآلت الأمور إلى ما هي عليه الآن، في وضع يرثى له؛ إذ سينام الطلاب والطالبات ومعهم المعلمون والمعلمات لأسبوع كامل؛ فلا مجال للتنفيس ولا سبيل للتغيير، والقائم لا يفي بالغرض، والموجود لا يسد الحاجة، فكثير من الحدائق وضعها غير مرضي على الإطلاق، والأجواء الباردة تجعلها غير صالحة للتنزه، والأسواق لا يرغبها الكثيرون فهي تعج بالمتسوقين والمتسكّعين، فلا يمكن لمرتادها أن يركن للهدوء والراحة. وأجد لزامًا أمام هذا الوضع المطالبة بإيجاد هيئة أو جهة إدارية ولو كانت منبثقة عن وزارة تكون مسؤولة عن التفاعل البنّاء مع كل مناسبة (إلزامًا وليس اختيارًا)، وحينها تتبنى إجازاتنا وإقامة مهرجاناتنا، فهل يجد هذا المطلب استجابة عاجلة؟! [email protected]