لا أعرف تحديدا من المسئول عن اختيار هذه العناوين أو الشعارات لمهرجانات الصيف في المملكة، هل هي الهيئة العليا للسياحة أم القائمون على المهرجان أم أهل المنطقة أنفسهم، لكن ما أعرفه أن هذه الشعارات تنضح بالسطحية والسذاجة بل السخف إن أردت أن أكون أكثر دقة وجرأة. قد تسمع شباباً يتسكعون في شارع التحلية من أرباب (طيحني) و(كدش) يقولون لبعضهم (فلة) فلا تستغرب، أو أطفالاً يلعبون في الملاهي يقولون (وناسة) وهذا شيء طبيعي أيضا، أما أن يقام مهرجان على مستوى المملكة ويمثل منطقة كبيرة من الوطن بما تحتويه من تاريخ وثقافة ورجالات وتقاليد لتختصر في كلمة (فلة) فهذا عجب العجاب، ألم يجد القائمون على هذا المهرجان كلمة أفضل وأبلغ من (فلة) التي عجزت عن إيجاد معنى لها، لا في قواميس اللغة، ولا قواميس الحياة، وهذا فعلا مدعاة للاستغراب والاستهجان. فلة !! ماذا نفل؟ هل نفل العادات والتقاليد أم المبادئ الدينية أم نفل السبحة، أرجو أن يجيبني أي مسئول عن هذا المهرجان عما يُنوى فلّه في الاحساء حتى يسمى المهرجان (حسانا فلة)، طالما عرفت أن هذه الكلمة يقولها بعض المراهقين كناية عن التهور والتحرر وحذف العيب والحرام خلف ظهورهم، أليس هذا معناها؟ وليست بريدة بأفضل حالا من الاحساء فهي (وناسة)، ألا يحتوى المهرجان أمسيات شعرية وفعاليات تراثية ومشاركات دينية؟ هل كل هذه مجرد وناسة؟ هل هو مهرجان للأطفال فقط؟ ألم يجد القائمون على هذا المهرجان ما يمثل بريدة بتاريخها المشرف ورجالاتها العظام ما يعبر عن مهرجانها بأفضل من الوناسة، إنه بالفعل شيء غريب ولكن بمجرد أن ترى المهرجان الأكبر والأقدم في المملكة وقد اتخذ شعارا لا يقل عن سابقيه من السطحية فستعرف أن هذه الشعارات لا تخضع لأي دراسة أو معايير عند اختيارها بل هي مجرد كلام غير ذي قيمة، فشعار (جدة غير) هو شعار ضبابي لا يعبر عن مدينة جميلة كجدة، فالغير لا ينطوي دائما على الجميل والرائع والمميز، فالغير غالبا هو مخالفة والمخالفة خطأ والخطأ قبح، وهذا ما لا يمثل - بكل تأكيد - عروس البحر جدة. أرجو من القائمين على هذه المهرجانات إعادة النظر في شعارات المهرجانات لأنها كلمات بسيطة تنطوي تحتها معان كبيرة، ولتكن حائل مثالا يحتذى به، فما أجمل وأبلغ شعار مهرجانك يا حائل .. (أهلا بالصيف والضيف)، فهو شعار يعبر عن حائل خير تعبير، فمن أجدى بكلمة (أهلا بالضيف) من حائل الكرم حائل حاتم الطائي التي لم تكتفِ بالترحيب بالضيف بل دعتها سجايا الجود والكرم للترحيب بكل من يأتي مع هذا الضيف حتى وإن كان الصيف ملتهب الحرارة. في الختام أتمنى أن تكون هناك عناية وحرص ودراسة لاختيار الشعارات المعبرة عن مهرجانات الصيف تتناسب ومفاهيمنا الثقافية والاجتماعية، ولا تكون مجرد كلمات سطحية مستمدة من قواميس الأولاد والمتسكعين، وأكرر ما ذكرته في بداية المقال بأنني لا أعرف من المسئول عن هذه المسميات، ولكن إن كانت الهيئة العليا للسياحة هي المسئولة فنطالبها بدراسة مسميات وشعارات المهرجانات وتحديد مدى مناسبتها، وإن كانت المسميات محلية تطلقها المدينة أو المنطقة بنفسها فيجب أن تعرض على الهيئة العليا للسياحة للموافقة عليها واعتمادها حتى لا ينطبق عليها قول (مع الخيل يا شقراء).