في الوقتِ الذي رصدتْ فيه وِزَارةُ الشؤون الاجتماعية 27،7 مليار ريال للإنفاق على إعانات الضمان الاجتماعي ومعاشاته، في ميزانية هذا العام (1434/1435ه) من إجمالي ميزانيتها البالغة 32،5 مليار ريال، تنفقُ وِزَارةُ الصحة من ميزانيتها 60% أجورًا للموظفين؛ كما قال معالي وزير الصحة د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة (صحيفة المدينةالمنورة، 26 صفر 1434ه، ص 5) مؤكدًا: «أنّ ما تبقّى في الميزانية وهو: 40% كافٍ لتنفيذِ مشروعاتِ الوِزارَة كافة»، أمّا عُضْوُ مجلس الشورى (د. زين العابدين بَرِّي) فقال: «إنّ المستشفيات تشتكي من عدمِ توافرِ كوادر طبيّة، وعدمِ القُدْرَةِ على تأمين أطباء، وممرضين، وممرضات»، فيما قدّر «نِسْبة الكوادرِ الطبية السعودية العاملةِ بالمستشفيات ب23%، و67% جميعُهم تعاقدتْ الصحةُ معهم مِنْ خارج الوِزَارة»، وأضاف: «إنّ عمليةَ التّوسُّع في العمل الصحي ليسَت بالأمْرِ السَّهْل، وإنّ هناك مستشفياتٍ أنشئتْ ولَمْ يتم افتتاحُها، نتيجةَ نَقْصِ الكوادرِ الطبية». أحترمُ كثيرًا معالي وزير الصحة، وهُوَ رجُلٌ عمَلي، لكني توقفتُ أمام قوله: «إنّ ما تبقّى في الميزانية وهو: 40% كافٍ لتنفيذِ مشروعاتِ الوِزارَة كافة»، وأنا أختلفُ معه في ذلك، فواقعُ الخِدْمات الصحية الحالية لا يَسُرُّ الناظرين، وينبغي أنْ ترتقيَ إلى مستويات أعلى، بصورة مرتكِزة على إنفاقٍ مجدٍ، والتأثيرُ الذي يمكن أنْ يحدثَهُ أيُّ رَدِّ فِعْلٍ إيجابي، على صعيد قطاع الصحة مُعَقَّدٌ ومتشابِكٌ، ولا يتم مِن خلال زمنٍ قصير، ولكنّه ليس مستحيلًا، فقد قال خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله بن عبدالعزيز) وهو يقر ميزانية هذا العام (1434/1435ه): «ولِمَا للخِدْمات الصحية والأعمال الاجتماعية، من أهمية تَمَسُّ شرائحَ المجتمعِ كافّة، فقد تم اعتمادُ نحو مائة مليار ريال لاستكمالِ إنشاءِ وتجهيزِ مراكزِ الصِّحة الأوليّة، وإنشاءِ تسعةَ عشرَ مستشفىً جديدًا، وخَمْسِ مُدُنٍ طبية في مناطق المملكة كافّة بدونِ استثناء»، إذًا قطاعُ الصحة أمامَ نقْلةٍ نوعيةٍ غيرِ مسبوقة، وليسَ ثَمّةَ شكٌّ أنّ تنوّعَ الخِدْمات الصحية، وتَعَثُّرَ بعضِ مشروعاتها، وقِلّةَ عدد الأسِرّة، ومشكلاتِ التشغيلِ والصيانة، وعدمَ توافرِ بعضِ الأدوية الطبية، كلها تُلْقِي على عاتقِ وِزَارة الصحة، مسؤولياتٍ تتطلبُ -من وجهة نظري- أكثر من 40% من الميزانية، الأمْرُ الذي يعني أنّ الوِزارة أمامَ اختبارٍ صعب، ومع ذلك فإنه كما قال خادم الحرمين الشريفين: «لا عُذْرَ لكُم بَعْدَ اليوم في تَقْصِيرٍ، أو تَهَاوُنٍ، أو إِهْمَالٍ. واعلمُوا أنّكم مسؤولونَ أمامَ اللهِ -جَلَّ جلالُه- ثُمَّ أمامَنا، عن أيِّ تقصيرٍ يضرُّ بإستراتيجيةِ الدّوْلة» (صحيفة المدينةالمنورة، 17 صفر 1434ه، ص 15). [email protected]