وفقًا للأمرين الملكيين الصادرين يوم الجمعة الماضي والخاصين بتعديل مواد في نظام مجلس الشورى وتكوين المجلس لمدة أربع سنوات، تدخل المرأة السعودية الحياة البرلمانية متمتعة بالحقوق الكاملة للعضوية بمجلس الشورى في خطوة تاريخية غير مسبوقة تعكس تقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لما وصلت إليه المرأة السعودية من مراتب عليا من التأهيل والحنكة والمعرفة. ويأتي دخول المرأة لمجلس الشورى تحقيقًا للمصلحة العامة، فهي أكثر دراية من الرجل بشؤون جنسها، وبوجودها في المجلس سيمكن صياغة الكثير من التشريعات التي تخص شؤون النساء بحكمة واقتدار، والمرأة تعد المرتكز الأول لبناء مجتمعنا، وهي بلا شك تستحق مساواتها مع الرجل من خلال هذه الحقوق الوطنية فهي الطالبة التي تلقت نفس مناهج التعليم التي تعلمها الطالب، وهي الفتاة التي تشارك الشاب في القراءة والاطلاع واستخدام وسائل التقنية للتواصل مع العالم، وهي أيضًا الموظفة التي تساهم مع إخوانها الموظفين في خدمة الوطن، وهي قبل كل شيء تلك الأم التي تساعد الأب في بناء الأسرة وتربية أفرادها والاهتمام بهم لجعلهم عناصر فاعلة لخدمة المجتمع.. بل إن كثيرًا من الدراسات تؤكد أن النساء يتسمن بالتنظيم المتقن وسرعة الإنجاز، ويتميزن بالجدية والاحترافية العالية في الأداء متى ما أتيحت لهن الفرصة بمساحة أكبر، وبالنظر إلى قائمة الأسماء المختارة، نجد أنهن يمثلن الصفوة والنخبة.. علمًا وثقافةً وفكرًا. والملك عبدالله عندما ينتصر للمرأة.. لشخصها وفكرها.. من خلال أمره السامي الذي يتضمن ألا تقل نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشورى عن 20 في المائة من أعضاء المجلس المكون من 150 عضوًا، إنما يرسم -حفظه الله- خريطة عمل لتفعيل دور المرأة السعودية على نطاق أكبر فهو لا يريد لها أن تهمش، ويراها جزءًا لا يتجزأ في المشاركة مع الرجل في خدمة المجتمع، ولذا وضعها في موضعها الصحيح، لتتمتع بحقوقها السياسية كاملة وفق الضوابط الشرعية، وهو ما نقرأه في الأمرين الملكيين الكريمين، حيث تقضي التعليمات بأن تتقيد المرأة عضو مجلس الشورى بضوابط الشريعة الإسلامية دون أي إخلال بها البتة، وتلتزم بالحجاب الشرعي، مع مراعاة تخصيص مكان لجلوس المرأة وتوفير كل ما يتصل بشؤونها بما يضمن الاستقلال عن الرجال. إن تتويج الملك عبدالله للمرأة السعودية بمنحها 30 مقعدًا في مجلس الشورى يمثل مرحلة تاريخية في مسيرة المرأة السعودية في المجتمع السعودي، ويحقق نقلة نوعية جديدة في الإصلاحات التشريعية خاصة وفي الإصلاحات السياسية والاجتماعية عامة، إدراكًا من المليك المفدى لمتغيرات العصر وضرورة التحديث والتطوير في مختلف الأنظمة بما يتناغم مع المستجدات ويلبي متطلباتها ويعود بالنفع على الصالح العام، وبما يتوافق مع ثوابت ديننا الإسلامي العظيم، وقيمنا الوطنية الأصيلة. والمرأة السعودية بهذا التتويج الملكي تجد نفسها أمام مسؤولية وطنية عظيمة باعتبارها شريكًا أساسيًا في صناعة التنمية والتقدم، ويقيني أنها ستعمل بجد ومثابرة لإثبات جدارتها وتكرار إبداعها الذي أظهرته في مجالات عديدة، وهي بحول الله قادرة على ممارسة ذلك كعضو فاعل يهتم بقضايا الوطن بكامله بما يخدم الجنسين الذكر والأنثى، وليس الأنثى فقط حتى لا تحصر نفسها في دائرة أصغر مما يريده أفراد المجتمع، فأعضاء مجلس الشورى رجالًا ونساء يقع على عاتقهم مسؤولية التمثيل الحقيقي لكافة فئات الشعب، بكل أطيافه، والاهتمام باحتياجاتهم والدفاع عن قضاياهم دون إقصاء أو تمييز. * كاتب وباحث أكاديمي