أمير تبوك يدشن مشاريع جديدة للطرق بالمنطقة    كايسيد وتحالف الحضارات للأمم المتحدة يُمددان مذكرة التفاهم لأربعة أعوام    أمير حائل يستقبل سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى المملكة    «حساب المواطن»: بدء تطبيق معايير القدرة المالية على المتقدمين والمؤهلين وتفعيل الزيارات الميدانية للأفراد المستقلين    الوداد لرعاية الأيتام توقع مذكرة تعاون مع الهيئة العامة للإحصاء    أمير الرياض يطلع على جهود إدارة تعليم المنطقة في تنفيذ مشروع التحول والحوكمة    وكيل إمارة المنطقة الشرقية يستقبل القنصل العام المصري    مدير فرع وزارة الصحة بجازان يفتتح المخيم الصحي الشتوي التوعوي    311 طالبًا وطالبة من تعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة موهوب 2    ضيوف الملك يغادرون المدينة إلى مكة    د. الربيعة ل"الرياض": "التوائم الملتصقة" من دول الأزمات تخضع للرعاية السعودية    حسين الصادق يستقبل من منصبه في المنتخب السعودي    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    ترسية المشروع الاستثماري لتطوير كورنيش الحمراء بالدمام (الشاطئ الغربي)    السند يكرِّم المشاركين في مشروع التحول إلى الاستحقاق المحاسبي    "نايف الراجحي الاستثمارية" تستحوذ على حصة استراتيجية في شركة "موضوع" وتعزز استثمارها في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي    غربلة في قائمة الاخضر القادمة وانضمام جهاد والسالم والعثمان وابوالشامات    السجن والغرامة ل 6 مواطنين ارتكبوا جريمة احتيالٍ مالي واستعمال أوراق نقدية مقلدة والترويج لها    الجامعة العربية بيت العرب ورمز وحدتهم وحريصون على التنسيق الدائم معها    وزير الاستثمار: 1,238 مستثمرًا دوليًا يحصلون على الإقامة المميزة في المملكة    تعطل حركة السفر في بريطانيا مع استمرار تداعيات العاصفة بيرت    NHC تطلق 10 مشاريع عمرانية في وجهة الفرسان شمال شرق الرياض    وزير الصناعة في رحاب هيئة الصحفيين بمكة المكرمة    جبل محجة الاثري في شملي حائل ..أيقونه تاريخية تلفت أنظار سواح العالم .!    القيادة تهنئ رئيس جمهورية سورينام بذكرى استقلال بلاده    مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    انطلق بلا قيود    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    جينات وراثية وراء تناول الحلويات بشراهة    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدث الأكبر في طيبة الطيبة لعام 2013 تظاهرة تستحضر البعد الديني والحضاري والثقافي على مدى 14 قرنًا
ينطلق يوم الثامن من ربيع الأول بمناسبة اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية
نشر في المدينة يوم 11 - 01 - 2013

المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية 2013م، حدث يتكرر في العام مرة واحدة، فكيف يمكن استثماره للتعريف بتاريخها، وما الذي يجب إنتاجه وعمله حتى لا تكون هذه المناسبة عابرة شأنها في ذلك كشأن أي مدينة أخرى في العالم الإسلامي يتم اختيارها بشكل دوري ولا ينتج ذلك أي خطوات عملية هادفة.
فما هو الشيء المأمول والمفترض أن تقوم به المؤسسات الرسمية، ومن مؤسسات المجتمع المدني من قرارات ترسخ لكي تصبح المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية، وما هي الأفكار والمقترحات التي يمكن تطبيقها في هذا الخصوص في ظل غياب واضح للمكتبات والدور الثقافية في المدينة المنورة؟. وماهي الأعمال التي يمكن أن يقوم بها القطاع الخاص ورجال المال والأعمال في المدينة المنورة بخصوص هذه الفعالية؟، وهل سيؤثر الطابع المحافظ لاختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الاسلامية على إقامة الفعاليات الثقافية والتراثية فيها، وذلك نظرًا لاختيار مسجد قباء مكانًا لإقامة فعاليات هذه المناسبة؟، كل هذه التساؤلات تمّ طرحها على عدد من المفكرين والأكاديميين في ظل التحقيق التالي.
التعريف الثقافي الأهم
بداية يرى الكاتب الصحفي الأستاذ خالد الوحيمد، بأنّه يمكن توظيف اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية باستثمار إنساني لا إيديولوجي، وضرورة التعريف بتاريخ المدينة منذ نشوءها لا منذ العهد النبوي، وإذا حان ذكر العهد النبوي علينا تعريف العقيدة المحمدية تعريفًا صحيحًا خاليًا من التطرف، وتوضيح أكثر لدوافعه في نهضة الإسلام في المدينة، خاصة ارتباطها بقيادة النبي محمد وما بعده كيف نهضت الأمة الإسلامية وأصبحت ذات نفوذ جغرافي واسع، مشددًا على أهمية التعريف عن المدينة ذاتيًا والأهم تعريفها تعريفًا ثقافيًا خاصةً السلوك الاجتماعي فيها منذ القدم، وما هي الثقافات المختلفة فيها عن بقية المدن المجاورة، خصوصًا وأنّ لها طقوسا اجتماعية تختلف عن بقية المدن بل تمتاز بأمور جميلة كالعادات الاجتماعية من ثقافة فكرية ودينية وكذلك اشتهرت بمأكولاتها المختلفة والمميزة ولا ننسى عادات أطفالها في ابتكار بعض الألعاب الشعبية التي تميزت عن غيرها، مشيرًا إلى أهمية ترسيخ أسماء المكتبات القديمة منذ عهد صدر الإسلام وما بعدها من الدول المتتابعة وخاصة حينما كانت عاصمةً للدولة الإسلامية والأهم توضيحها جغرافيًا والدور الذي لعبته في تثقيف أهلها مع ذكر شخصيات مهمة كانت ترتاد الأماكن السالفة الذكر.
نقطة مهمة
ويضيف الوحيمد: "هناك نقطة مهمة في ظل وجود المكتبات العامة خاصة مكتبات الجامعات وهنا أعني بالذكر مكتبة الملك عبدالعزيز فلا بد بشكل عاجل صيانة تلك المكتبات المهملة والبروز لها بشكل يميزها عن غيرها من مكتبات المملكة لتكون المدينة عاصمة مميزة لا تتكرر، وليس هذا فحسب وإنّما الاهتمام بالأندية الأدبية والفنون ولا نغفل عن الجانب الرياضي منذ نشأته، فمنذ عهد النبي كانت تقام مسابقات لركوب الخيل وسباق الجري وغيرها من الألعاب التي لا تسعني الذاكرة ذكرها"، معتبرًا أنّ الدعم المالي والمعنوي من قبل رجال الأعمال وحضورهم في هذه الفعالية وأنّهم جزء من هذه المنظومة الاجتماعية في حضارتها وتقدمها، وألا يكون هناك أدنى تردد بدعمهم المالي مهما بلغت التكاليف فالعائد هو للجميع فكلنا مجتمع واحد مهما اختلفنا بأفكارنا ومعتقداتنا الدينية يظل الوطن واحد والمواطنون أشقاء بعضهم لبعض قوة وسند في أمن هذا البلد، منوهًا على أنّ اختيار اللجنة المنظمة لانطلاق الفعالية من مسجد قباء، ولا غرابة في هذا الأمر حيث جعل النبي من مسجده النبوي مركزًا في اتخاذ القرارات المهمة خاصة فيما يتعلق بالإصلاح الاجتماعي من ثقافة وفكر.
اتخاذ خطوات عملية
من جانبه يؤكدّ الكاتب والأديب الأستاذ أحمد مليجي أنّه يجب استثمار هذه المناسبة من الناحية الاعلامية خير استثمار، بحيث يمكن استغلال قيمة اختيار المدينة المنورة كعاصمة الثقافة الاسلامية وتنطلق هذه الفعاليات من كل الوسائل الاعلامية خاصة الاعلام الالكتروني الذي أصبح قوة مؤثرة وذات فاعلية كبيرة لا يستهان بها في هذا العصر، مهيبًا بأهمية التعريف بعاصمة الثقافة الاسلامية وبتاريخها الاسلامي القديم والحديث ودورها الثقافي والعلمي والأدبي في بناء وتنمية الثقافة الاسلامية في مختلف مناطق ودول العالم، حتى لا تقف هذه المناسبة عند الحيز المكاني، وحتى تصل رسائل المدينة المنورة الإسلامية والثقافية إلى كل الناس وتظل حاضرة في الأذهان، مشيرًا إلى أنّ المدينة المنورة تحظى باهتمام بالغ من الأمة الاسلامية حيث يزورها ملايين المسلمين من مختلف دول العالم سنويًا، لما لها من مكانة عظيمة في قلوب المسلمين إذ يوجد بها الكثير من الآثار الاسلامية وعلى رأسها المسجد النبوي الشريف.
خطوات عملية
ويقترح مليجي القيام بخطوات عملية لتوثيق هذه المناسبة ونشرها إلى العالم أجمع وبشكل واسع، وترجمته بلغات مختلفة تحت عنوان "تاريخ عاصمة الثقافة الاسلامية" ويشمل التوثيق مجموعة من الابحاث والمقالات التي تناقش أولًا أسباب اختيار المدينة المنورة عاصمة الثقافة الاسلامية، وعرض تاريخها الاسلامي والثقافي منذ عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أن يتم نشر وتسجيل هذا التوثيق في كتاب ورقي والكتروني، وتنسخ على اسطوانات مدمجة كفيلم تسجيلي بالصوت والصورة، وتنشر هذه الوثائق في المواقع الالكترونية المشهورة كاليوتيوب وغيرها، وتوزع في الاماكن الأثرية والحيوية والمهمة، وفي موسم الحج القادم وفي مداخل المدينة كالمطار وغيره.
استغلال هذه المناسبة
وعن الشيء المأمول والمفترض أن تقوم به المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني من قرارات ترسخ المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية بحق وحقيقة، يتمنى مليجي أن تستغل المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني هذه المناسبة العظيمة، وتتخذ القرارات اللازمة لنشر الثقافة الإسلامية والحضارية التي امتازت وحفلت بها المدينة المنورة على مر العصور لتظل عاصمة العواصم الثقافية الإسلامية الشامخة والرائدة في التعريف بالثقافة الإسلامية والصورة الحقيقية المعروفة عن الحضارات الإسلامية العريقة ونقلها إلى العالم الاسلامي وغير الاسلامي لإظهار القيم الإنسانية والنبيلة التي تزخر الحضارة الاسلامية بها، منوهًا على أنّ مثل ذلك سيعمل على تعزيز لغة الحوار بين الثقافات والحضارات الأخرى وإشاعة القيم والتسامح والمبادئ الانسانية المعروفة عن الاسلام، والتي هي أساس لغة التعايش والتفاهم بين الشعوب خاصة، مشيرًا إلى أننا نعيش في مرحلة عصيبة في حاجة إلى دعوة الشعوب والمجتمعات إلى تضافر الجهود الثقافية والحضارية على جميع المستويات من أجل إنقاذ البشرية مما يهددها من مخاطر.
ليس غريبًا
من جهته يعتبر أستاذ الفقه بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د. محمد الصواط، أنّ اختيار المدينة ليس غريبًا فهي مهد الاسلام وعاصمته الاولى وتحتوي على رصيد حضاري وتاريخي كبير وثري جدًا، مؤكدًا أنّه يمكن استثمار هذه المناسبة من خلال عدة أمور من ضمنها إقامة محاضرات وندوات عن تاريخ المدينة وأهميتها، وإقامة معرض كتاب بهذه المناسبة، وإعادة تحقيق ونشر الكتب المؤلفة في تاريخ المدينة، وإقامة جولات تعريفية ورحلات سياحية للأماكن الأثرية بالمدينة، وتفعيل دور الجامعات في ذلك وخاصة الجامعة الإسلامية وجامعة طيبة، وعمل جائزة في أفضل بحث عن معالم المدينة وتاريخها، مع أهمية تفعيل دور النادي الأدبي بإقامة أمسيات شعرية في هذه المناسبة.
المحافظة على التراث
وعن الشيء المأمول والمفترض أن تقوم به المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني من قرارات ترسخ المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية بحق وحقيقة، يرى الصواط، أنّه يمكن القيام بالكثير، من ضمن ذلك المحافظة على ما بقي من تراث المدينة التاريخي وحمايته من الهدم الجائر بسبب التوسع العمراني والمباني الحديثة وثانيهما إعادة تسمية الشوارع والأماكن والساحات في المدينة بأسماء الصحابة والتابعين، مؤكدًا على أنّ الطابع المحافظ للمدينة المنورة لن يؤثر على سير الفعاليات، لأنّ جميع هذه الفعاليات المفترض ان تكون وفق تعاليم الدين الحنيف والاّ تكون هناك تجاوزات في هذا الامر، وكذلك فإنّ اختيار مسجد قباء مكانًا لإقامة فعاليات هذه المناسبة لن يؤثر على اقامة الفعاليات الثقافية والتراثية فيها، مهيبًا برجال الاعمال والقطاع الخاص في أن يلعبوا دورًا مهمًا في هذه القضية والذين يعتبرون مكملين للدور الحكومي ودور مؤسسات المجتمع المدني وعليهم مسؤولية عظيمة ملقاة على عاتقهم في التعريف بتاريخ المدينة ومكانتها وتزداد المسؤولية على التجار ووجهاء المدينة على وجه الخصوص بالتضحية والتعريف وإقامة المناشط والفعاليات والندوات والدوريات والديوانيات.
معقل العبادلة الأربعة
أما عضو الهيئة العامة للعلماء المسلمين في سورية الأستاذ جمعة محمد لهيب، فإنّه يؤكدّ أنّ استثمار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية يكمن من خلال التراث الديني والتاريخي لها والانفتاح العلمي والحضاري والمدني لها، فأما التراث التاريخي والديني فهو أنّ المدينة منبع الحضارة الإسلامية وأسها وأساسها, ومنه انطلقت الكتائب والدعاة لتجوب بقاع الأرض كلها، وأما الانفتاح العلمي والفقهي فيتمثل في أنّ المدينة بالخصوص والحجاز بالعموم معقل العبادلة الأربعة, فقد كان أحدهم يفتي بخلاف الآخر ولا ينكر هذا على هذا, فالانفتاح الذي أرساه التراث العلمي والحضاري هو بإعمال العقل والانفتاح على العلوم وتقبل الرأي المخالف ان كان مستندًا لأدلة ثابتة، وفيما يخص التراث السياسي والمدني فإنّ لهيب يراها بأنّه منبثق من صحيفة المدينة التي أقرها رسول الله عليه السلام, والتي تعدّ أول دستور مدني سياسي وضع أسس العقد الاجتماعي والسياسي ورسخ مبدأ الدولة المدنية التي هدمت دول الرهبنة والحكام الاله, فأسس مبدأ الشورى, وترسخت صورة العدالة الاجتماعية, كل ذلك بحياطة الاسلام، مشددًا على أن نعيد فتح الأنظار لتراثنا الإسلامي الأول، فليس للمدينة شرف ورمزية أعلى وأطهر وأجلى من التراث الذي قدمه الصدر الاول للامة أولًا, وللعالم ثانيًا، مؤكدًا على أهمية أن تكون المدينة لبنة أولى للبدئ بأول الطريق النهضوي الفكري والعلمي والسياسي المدني للأمة، معتبرًا بأنّ الطابع المحافظ لاختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الاسلامية واختيار مسجد قباء مكانًا سيؤثر بناحيتين على إقامة الفعاليات التراثية والثقافية للمناسبة من ضمنها منع كل فعالية لا توافق عادات المدينة كالأهازيج والاختلاط بين الجنسين حتى بالقاعات والموسيقى وسواها, تضخيم بعض الفعاليات المقبولة على حساب فعاليات أخرى غير مقبولة كالمحاضرات.
يجب استثمار الحدث
وفي سياق متصل يوضح د. إبراهيم الحازمي، أنّ المدينة المنورة التي هاجر اليها الرسول صلى الله عليه وسلم ثم صحابته الكرام الذين نصروا الله ورسوله ومنها انطلقت الدعوة في أرجاء المعمورة وورد ذكرها في القرآن العظيم والسنة الصحيحة فهذا الاسم مطبوع في قلب كل مؤمن ومؤمنة ومحبتها نابعة من محبة من عاش فيها وسكن وجاهد ومات فيها، مشيرًا إلى أنّ الله اختارها لرسوله مهاجرًا ومبعثًا ومدفنًا وهي مأزر الايمان ومهوى أفئدة المؤمنين وهي عاصمة للثقافة والعلم والهدى والايمان من أول ما دخلها الرسول صلى الله عليه وسلم ومن هذا المنطلق يجب استثمار كون المدينة عاصمة للثقافة من خلال التعريف بها جغرافيًا وتاريخيًا وعمرانيًا وعلميًا، ويجب انتاج الافلام والوثائق عنها قديمًا واستغلال وسائل الاعلام والاتصال الحديثة والتعريف بالأماكن التاريخية، إضافة إلى ابراز فضائل المدينة الواردة في الأحاديث الصحيحة وانتاج السيديهات وتوزيعها على الزائرين مع استغلال فترة معرض الجامعة الاسلامية وزوار المدينة في المطارات للتعريف بالمدينة وتوزيع الهدايا التذكارية.
التذكير بأهم المعارك
ويفترض الحازمي أن تقوم المؤسسات الرسمية والمدنية باستغلال هذا الحدث وتوظيفه فيما يعود على المدينة وأهلها بالخير والبر والاحسان ومن هذه الامور التعريف بالمدينة ومناخها، والتعريف بها ومن سكنها من أهل العلم والايمان من عهد الرسول وإلى الآن، وطباعة الكتب والوثائق المتعلقة بالمدينة، والتذكير بأهم معارك الاسلام والغزوات التي دارت فيها والصحابة التي ماتوا فيها وأهم جبالها ووديانها، مع عرض الصور القديمة للمدينة ما قبل الحكم السعودي سواء الحكم الهاشمي أو التركي أو المماليك أو في الدولة العباسية والأموية وغيرها، وكذلك التعريف ببناء المسجد النبوي ومراحل بنائه على مدى السنين، وتوزيع نشرات تبين فضائل المدينة وسكانها قبل الاسلام وبعده ومن هم؟.
ويرى الحازمي أنّ الأعمال التي يقوم بها رجال الاعمال كثيرة وكثيرة جدًا على صعيد هذه الفعالية من ضمنها تخفيض أسعار الفنادق والشقق وتوزيع نشرات فيها فضائل المدينة، وتعريف الناس بأماكنها التاريخية، مع المساعدة بالمال والجاه فيما يصب المصلحة العامة، مهيبًا في الوقت نفسه بعدم رفع العقارات والأراضي السكنية على الناس، وتعزيز الأخلاق الحسنة مع الناس ومع الزائرين، وابعاد الفسقة والفجرة عن المدينة، مشددًا على أنّه من محسن الصدف والاختيار الحسن أن جعل مسجد قباء مكانًا لإقامة فعاليات هذا المهرجان وذلك أن الرسول حينما دخل المدينة بدأ به، وأنّه أول مسجد أسس على التقوى، ومنه انطلق صلى الله عليه وسلم في بناء دولته، معتبرًا أنّ هذا الاختيار المحافظ سيكون مردوده الثقافي والاعلامي والعلمي كبيرًا جدًا على سير فعاليات المهرجان وذلك لما له أثر مهم في خصوصية الحجاز بشكل عام والمدينة بشكل خاص.
المحافظة على الطابع الخاص
وعلى الصعيد نفسه يؤكدّ الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية د. السيد أبو الخير، بأنّه يجب التركيز على الطابع الإسلامي للمدينة وخاصة المسجد النبوي الشريف وكذلك البقيع الذي يختلف عن كل مكان في العالم حيث تكون المدافن بعيدة عن السكن وعزوف الناس عن السكن بجوارها إلاّ البقيع فإنّ السكن بجوارها من أفضل الأماكن فيها، منوهًا على أهمية التعريف لأول دستور وضع في العالم وهو وثيقة المدينة المنورة وكيف كانت اللبنة الأولى في بناء اكبر دولة في التاريخ فضلًا عن أماكن الغزوات النبوية الشريفة، مضيفًا أنّه يجب التعريف بها وكتابة نبذة عنها في كتيب يخصص لهذه المناسبة، وكتابة نبذة مختصرة عن سكان المدينة قبل دخول الاسلام إليها وبعده والمؤاخاة بين المهاجرين والانصار، منوهًا إلى أنّ المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني يمكن لهم أن يختص كل منهم بجانب من جوانب عظمة الإسلام السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وبيان دور المدينة في إرساء القيم والمبادئ العليا في مجالات الحياة المختلفة وأثر الإسلام على تخطيط وتصميم مباني المدينة وعاداتها وتقاليدها النابعة من الاسلام وأثرها الواضح على سكانها وزوارها، مهيبًا بأهمية التعاون من السلطات الموجودة في المدينة سواء ماليًا أو تعاونيًا وتسهيل مهمتهم للتعريف بالمدينة ويجب تتبع أشهر الاعمال والصناعات والحرف فيها منذ دخولها الاسلام وبيان خصائصها التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أنّ الطابع المحافظ من أهم نجاح الفعالية حيث سوف يصبغ على الفعالية طابعًا روحانيًا كبيرًا يزيد من عمق هذه الفعاليات، ويعطي طابعًا خاصًا للمدينة وطابعها الأصيل المعتمد على التراث والروحانية بالدرجة الأولى.
أهمية فتح الباب للشباب
وفي نفس الإطار يرى الاعلامي أ. ابراهيم الحقوي أهمية عرض سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خلال مواقفه وتعامله مع صحابته ومجتمعه وتسليط الضوء على الأماكن الثراثية والثقافية، بعرض أفلام وثائقية وعمل مواد تنشر في وسائل الاعلام وعقد المؤتمرات والندوات الثقافية وغيرها مما يعود على مصلحة المدينة بإحياء تلك الفرصة الذهبية، مع ضرورة عرض أفلام وثائقية وعمل مواد تنشر في وسائل الاعلام وعقد المؤتمرات والندوات الثقافية وغيرها مما يعود على مصلحة المدينة بإحياء تلك الفرصة الذهبية، مهيبًا بأهمية فتح الباب للشباب لكي يقدموا ما لديهم من افكار واطروحات لتخدم وتفيد المدينة المنورة بشكل عام، مشددًا على أنّه هو المكان المناسب، حيث إنّ مسجد قباء هو أول مسجد بني في عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وثبت أنّه كان يزور مسجد قباء ويصلي فيه، مؤكدًا أنّ اختيار مسجد قباء مكانًا لإحياء الفعالياتً يعدّ فرصة عظيمة وفكرة جميلة من أجل إنجاح الفعاليات.
ميزات لا تجدها في أخرى
من جانبه يعتقد الداعية والأكاديمي د.محمد الحسيني، أنّ للمدينة المنورة ميزات لا تجدها في أي مدينة اخرى بالعالم فهي أول عاصمة في تاريخ الإسلام، وثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة، وتأسست قبل الهجرة النبوية بأكثر من 1500 عام وعُرفت قبل ظهور الإسلام باسم "يثرب"، مشيرًا إلى أنّها تضم أقدم ثلاثة مساجد في العالم، ومن أهمها عند المسلمين، ألا وهي: المسجد النبوي، ومسجد قباء, ومسجد القبلتين. حيث تستمد المدينة أهميتها عند المسلمين من هجرة النبي محمد إليها وإقامته فيها طيلة حياته الباقية، فالمدينة هي أحد أبرز وأهم الأماكن، حيث تضم بين أحضانها الكثير من المعالم والآثار، ولعل أبرزها المسجد النبوي والذي يُعد ثاني أقدس المساجد بعد المسجد الحرام، بالإضافة إلى مقبرة البقيع والتي تعد المقبرة الرئيسية لأهل المدينة، ودُفن فيها الكثير من الصحابة، ومسجد قباء أول مسجد بني في الإسلام، ومسجد القبلتين، وجبل أحد، والكثير من الوديان والآبار والشوارع والحارات والأزقة القديمة، مشددًا على أهمية التركيز على أنّها أول عاصمة إسلامية والبعد الخارجي لتلك العاصمة من خلال الرسائل التي وجهها النبي صلى الله عليه وسلم للرؤساء والملوك والمعاهدات التي أبرمها مع غير المسلمين وحفظ الحقوق لغير المسلمين التي ضمنها النبي في المدينة.
له مدلولاته الخاصة
من جهته يرى الأكاديمي والكاتب الصحفي د. علي الشعبي، أنّ اختيار أي مدينة عاصمة للثقافة له مدلولاته التي يجب أن نتوقف معها فلا يمكن أن يتم اختيار المدينة إلاّ وهي تملك مقومات تجعلها مؤهلة لحمل مثل هذه الرسالة، وإذا كان هذا الكلام ينطبق على أي مدينة فما بالك عندما تكون هذه المدينة هي المدينة المنورة عاصمة الثقافة الإسلامية مدينة الرسول والرسالة الإسلامية، مشيرًا إلى أنّ المدينة متحف الفكر الإسلامي وجامعة الثقافة الإسلامية لما تحمله من تراث إسلامي كبير، مضيفًا في حديثه قائلًا: "أما كيف يمكن استثمار هذه المناسبة للتعريف بالمدينة المنورة، فاعتقد أنّ هناك عددًا كبيرًا من المؤسسات الثقافية والعلمية في المدينة يجب أن تشارك بفعالية في استثمار هذه المناسبة"، مؤكدًا أنّ هناك ميزة نسبية للمدينة لا تملكها مدن المملكة الأخرى وهي الجامعة الإسلامية التي تحتضن آلاف الطلاب من مئات الجنسيات، ويمكن توظيف هذا الوجود لهم بما ينقل تاريخها وحضارتها وثقافتها الى كل دول العالم، إضافة الى إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم يجمع كل ما له علاقة بالحضارة الإسلامية ويكون مزارًا لكل زوار المدينة من الحجاج والمعتمرين، معتبرًا أنّ كل المؤسسات الحكومية والأهلية يمكن أن تشارك في هذه الفعاليات، والقطاع الخاص يستطيع الإسهام في تمويل الفعاليات والمشروعات التي تصب في تعزيز هذه المناسبة، ولكن الدور الأكبر على المؤسسات التعليمية والثقافية، معتبرًا أنّ الطابع المحافظ لا يمكن له أن يؤثر على سير فعاليات المناسبة بل بالعكس يجب أن يثريها، إذ أنّ اختيار مسجد قباء مناسب جدًا وبالتأكيد سوف تمتد الفعاليات الى أماكن أخرى في تظاهرة كبيرة تتعاون فيها جهات عدة، إضافة إلى أنّها امتداد لدورها الفاعل في الثقافة الإسلامية على كل المستويات ويجب استثمار هذه المناسبة بما يضمن استمرار مثل هذه المناسبة.
يجب وضع حوافز
من جانبه تشدد رئيسة قسم التوعية البيئية والصحة في جمعية ود للتكافل والتنمية البشرية الأستاذة ابتسام أحمد، على ضرورة استثمار اختيار المدينة المنورة في المناسبات الرسمية مثل الأعياد واليوم الوطني من خلال عمل المهرجانات التي تمثل تاريخ المدينة العريق، ويمكن طلب بحوث مختصرة عن تاريخ المدينة الثقافي من ناحية الأدب والشعر والفن من العصر الإسلامي حتى عصرنا الحالي ويشارك جميع الموظفين في مختلف الجهات، مؤكدة على ضرورة وضع حوافز لأفضل بحث كمكافأة تشجيعية أو رحلة لمنطقة معينة أو توجيه رسائل شكر في وسائل إعلام فليس هناك صعوبة في عمل أي بحث في ظل التقنية الحديثة وهذا سيدفع الجميع للمشاركة والاستمتاع بهذه الفعاليات، معتبرًا بأنّه يمكن المساهمة بعمل سوق تراثي كسوق عكاظ الذي ينظم بشكل سنوي، ويكون في أشهر المناسبات كالأعياد، حيث يتم تصميم بناء خاص للمدينة يحاكي الطابع التراثي والديني والثقافي للمدينة المنورة، ويكون في نفس الوقت مكانًا خاصًا للأسر المنتجة التابعة للجمعيات، وتباع فيه المنتجات القديمة مع تخصيص جلسات للشعر والأدب، مؤكدًا على أن اختيار المدينة عاصمة للثقافة الإسلامية يعود لاشتهارها بالآثار التاريخية والإسلامية وتكون الفعاليات مستوحاة من الطابع الإسلامي كعمل حلقات تتحدث عن السيرة النبوية حلقات للنساء تتحدث عن زوجات النبي وبناته والصحابيات واثرهم في نشر الإسلام، وكذلك عمل مجسمات للمعارك والغزوات التي قام بها النبي والصحابة ومشاركة الأطفال فيها وتكون زيارات للمدارس لتثبيت المعلومة في ذهن الطلبة وفيها جانب اقتصادي كرسوم دخول أرض المعركة واستخدام الزي التاريخي المستخدم، مشددةً على أنّ هناك افكارًا كثيرة لخدمة هذه المناسبة فالمدينة غنية بتراثها.
أكبر من أي مناسبة
أما الداعية الإسلامية د.سليمان الصقر، فإنّه يرى أنّ اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية يعدّ أكبر من أي مناسبة أخرى وبها تتشرف المناسبات والقرى، مصداقًا لقول الرسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى، يَقُولُونَ يَثْرِبُ وَهِيَ الْمَدِينَةُ، تَنْفِي النَّاسَ كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"، منوهًا على أنّه لا يدخلها الدجال كما ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منوهًا على ضرورة العمل بجدية أكبر من حيث الجهد البشري والمادي من قبل الجميع للتعريف بفضائل المدينة واستغلال تسميتها بعاصمة الثقافة الاسلامية لجذب انتباه الناس من مسلمين وغيرهم، معتبرًا أنّ رجال الاعمال يستطيعون استغلال ما يتكون من فرص لذلك، مضيفًا في حديثه قائلًا: "يساعد الجو المحافظ العام للمملكة العربية السعودية عامة والمدينة خاصة كون ذلك الاقرب للثقافة الاسلامية وما ينبثق عنها من فعاليات".
صندوق خاص
وفي نفس الإطار يرى الباحث الشرعي والقانوني أ. محمد أمين، أنّ اختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية يعدّ أمرًا طبيعيًا لما تحمله من مكانة دينية وتاريخية عميقة في نفوس الأمة، فهي ثاني الحرمين، والعاصمة الأولى للإسلام، ومكان الانطلاقة والشرارة الأولى دولة الإسلام بل والحاضن الرئيسي لها من قبل الأنصار الذي أووا المسلمين واستقبلوهم بعد التشريد والتعذيب الذي لاقوه على يد قريش، مهيبًا بأهمية أن يكون للمؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني دور مهم في استغلال هذا الحدث عن طريق التأكيد على المكانة والعراقة التاريخية للمدينة باستخدام الوسائل الإعلامية الحديثة كعمل الأفلام الوثائقية والمسلسلات التي تؤكدّ على هذا الدور التاريخي، مشددًا على أنّ هناك تقصيرًا من هذه الجهات في التعريف بمكانة المدينة وما تلعبه من دور كبير في نفوس المسلمين، مؤكدًا في الوقت نفسه على أنّ هناك دورًا مهمًا لرجال الأعمال والقطاع الخاص الذي يتمثل في دعم مثل هذا الفعاليات من الناحية المادية وتمويل المناسبات الثقافية وبكل ما يتصل بمثل هذا الجانب، حيث تحتاج هذه الفعاليات إلى ميزانية وتمويل لضمان سيرها، كأن يتم تخصيص صندوق خاص لدعم الأنشطة الثقافية والتراثية والدينية لأجل استخدامها في اخراج الأفلام والمسلسلات التي تؤكدّ على الدور العميق لطابع المدينة المنورة، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّ الطابع المحافظ للمدينة لا يشكل أي عائق لأي فعالية ثقافية بل يخدم الطابع الخاص لها ويظهرها بمظهر ذاتي أمام العالم، وهذا ليس بغريب عن أهل الحجاز عامة وأهل المدينة خاصة والذين يمتازون بالطيبة ورحابة الصدر وحسن الاستقبال لضيوف بيت الله الحرام وطابعهم اللين كما هو معروف لدى عامة الناس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.