بداية أجدني مرغمًا على الحديث عن هذا القطاع المهم في حياة الشعوب، ألا وهو الرياضة، فهو يُعد واجهة للبلدان، يظهرها ويبرزها على نطاق عالمي من خلال كرة مستديرة لها أبعاد أخلاقية وحضارية، لكن المتابع لبعض ما يجري في ساحتنا الرياضية تنتابه موجة من الإحباط بل وربما يصل به الأمر إلى خيبة الأمل، صراعات وصرخات، هزائم وإخفاقات، تصنيف محزن وترتيب لا يُرضي أحدا! وتجده يتساءل: لماذا انحدرت رياضتنا إلى هذا المستوى؟! وما أسباب تردي أحوالها إلى هذا الحد؟! من يقرأ الصحف يجد العجب العجاب، فثمة مُفارقات لا يمكن للعقل البشري أن يتخيلها، حتى أولئك الذين لم يمارسوا الرياضة تجدهم في غاية من الذهول، بل رياضيون لا يستطيعون استيعاب ما يقرأونه. وهنا أضع بين يدي القارئ الكريم صورتين، وأترك له الحكم: الصورة الأولى: لاعبون سعوديون باتت عقودهم بالملايين حتى تجاوزت الثلاثين مليونا! ومحللون يُصرّون على أن الدوري السعودي أقوى دوري عربي! ونحن نستقطب مدربين عالميين رواتب بعضهم فاقت عشرة ملايين شهريا! المقابل لهذه الصورة: المنتخب السعودي في المرتبة 126 في تصنيف الفيفا كأسوأ تصنيف له! لاعبان دوليان يتبادلان السب والشتم علنًا أمام أنظار العالم! ديون أندية قد تصل إلى مئات الملايين، ولاعبون يتوقفون عن التدريب لعدم تسلمهم مرتباتهم! اتهامات وتحقيقات وتصريحات، في مجملها بائسة يائسة؟ وفي تصوري أن التوقف ومراجعة الحسابات سلوك حضاري؛ فدوريٌ هذا شأنه؛ ومنتخب هذا وضعه؛ يحتّم على الحكماء التوقف -ولو مؤقتا- وإعادة النظر في تفاصيله، حتى يمكن الخروج برياضة مشرّفة، أو على الأقل العودة برياضتنا السابقة والتي أجزم يقينًا أنها كانت أفضل بكثير من الوضع القائم حاليًا، على الرغم من أنها لم تعرف الاغتراف (عفوًا أقصد الاحتراف). وعند الحديث عن الرياضة وما يعتريها اليوم من حيثيات محزنة فلا بد من التطرق إلى بعض البرامج الحوارية التي نشاهدها، والتي يندهش لها كل من يتابعها؛ فهو في واقع الأمر يتابع برنامجًا لا يعترف بأدبيات التحاور، فالمتحدث لا يستطيع إكمال حديثه، والآخر يرفع صوته ويقاطعه بطريقة فجّة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه لأن يُهدِّد أحدهم زميله في البرنامج إلى أن وصلت الأمور إلى درجة السب والشتم على مرأى من المشاهدين في العالم. ومن يدير تلك البرامج يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه فهو يشبه من يحاول الفكاك من الألسنة، ويبتعد عن المرمى، حتى لا يأتيه شيء مما يدور حوله! ومثل هذه البرامج تسيء لنا وتظهرنا بمظهر لا يمت للتحضر والثقافة بصلة، فالمتلقي يريد أن يعرف ما يجري، ولكنه يضيع وسط الصراخ والصخب، ويصاب بالاشمئزاز جراء تلك السلوكيات المشينة، فهل نطمع في إيقافها؟! ولعلها فرصة مناسبة أن نهنئ الإدارة الجديدة للاتحاد السعودي لكرة القدم، ونطلب منه إعادة دراسة وضع الكرة السعودية، فالاحتراف يحتاج إلى معالجة عاجلة، والمنتخب لا يعيش وضعًا مطمئنًا، والمستوى في انحدار، والأمور الأخلاقية بين بعض اللاعبين وبعض الإداريين باتت تتفاقم، فهل نراجع أمورنا الرياضية ونوقف بعض برامجها الحوارية التي تظهرنا بمظهر لا يليق وحضارتنا الإسلامية. [email protected]