قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء في محاضرة له يوم امس بمناسبة زيارته لجامعة الدمام: يشرفني هذا اللقاء وأني كنت أودّ اللقاء بكم منذ زمن والحمد لله الذي يسّر اللقاء وسهّله. واضاف آل الشيخ خلال المحاضرة: المؤمنون فيما بينهم أهل تناصح فيما بينهم.. ومن ذلك قال صلى الله عليه وسلم :»مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر « هكذا حال المؤمنين كالبنيان يشد بعضه بعضا ويقوي بعضه بعضًا ، ويدعم بعضه بعضًا مستدلا بالآية الكريمة «إنما المؤمنون إخوة « ..وقال جل شأنه «فأصبحتم بنعمته إخوانًا « فأخوّة الإيمان جمعتنا ووحدت شملنا وجعلتنا أخوة قائمة على أرض المبدأ ألا وهو الإسلام والإيمان . وأضاف: أحب أن اذكّر نفسي وإخواني بآي من ذكر الله يقول الله عز وجل «والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر « سورة قصيرة ذات آيات يقول فيها الإمام الشافعي: لو ما أنزل الله حجة على عباده إلّا هذه السورة لكفتهم ..الله جل وعلا اقسم بالزمن وكل إنسان فيه خسران إلا من استثنى والأصل الخسارة وحملها الإنسان انه كان ظلومًا جهولًا إلّا الذين آمنوا وعلموا الصالحات .. آمنوا بالله حقًا بدينه ونبيه إيمانًا صادقًا وقع في قلوبهم نطقت به ألسنتهم ،عملت به جوارحهم فجمعوا بين العلم والعمل وبأن الإيمان وحده لا يكفي كما أن العمل بلا إيمان لا يكفي ولا بد من علم وعمل . وهكذا حياة المسلم إيمان وعمل ثم انطلاق بدعوة إلى الحق والهدى ودعوة صادقة من قلب يحب الخير لإخوانه المسلمين وتوحيد صفهم دعوة لإصلاح الخلق إلى الطريق المستقيم ودعوة قائمة على أساس صادق وهي الإخلاص لهذه الدعوة ويقصد بها إصلاح الخلق و هدايتهم مستشهدا بالآية قال الله تعالى «قل هذه سبيلي ادعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني « .. فمحمد صلى الله عليه وسلم دعا إلى الله على علم وبصيرة ويقين وصبر وتحمّل وبيان حق وتوضيح لمنهج وسطي اعتدالي بعيدا عن الإفراط والتفريط عن الغلو والجفا . و نحن في زمن التبس الحق بالباطل وكثر المرشدون والوعاظ والمرشدون والدعاة الخ ولكن الغاية ان تكون الدعوة منطلقة من أساس سليم ومنطلق سليم، كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم و التوجيه صادرة عن علم وبصيرة أن يكون هدفه الإصلاح والتوجيه وجمع الكلمة والصف ولذا قال الله لنا :»واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا « فأمرنا أن نعتصم بحبله وكتابه وسنة رسوله وان نجتمع ولا نتفرق لان الدين يجمع قلوبنا وأهدافنا ويوحد أهدافنا هذا إذا كنا صادقين في الإيمان بالله والإيمان حقا هو الذي يجمع القلوب ويقيم موازين العدل. ويقول الله عز وجل : «فأصبحتم بنعمته إخوانًا « فأصبح المسلمون بنعمة الإسلام والإيمان إخوانًا في العقيدة، أخوّة صادقة لا انفصام لعُراها ، و الدعوات المشبوهة والغريبة والوافدة والمزيفة هي التي تفرق الشمل والصف وتهدم البناء وتوقع العداوة في الأمة والإسلام يرفض ذلك . وقال سماحة المفتي: إن جامعاتنا المنتشرة في بلادنا نرجو من الله أن تكون منبر خير وتوجيه وإصلاح للمجتمع والأخذ بيد أبنائنا وبناتنا لما فيه الخير والصلاح للحاضر والمستقبل ولكن ماذا واجب عضو هيئة التدريس بالجامعة ..واجبه هو تقوى الله في نفسه والسعي في إصلاح النشء وتربيته تربية الإسلام السليمة وإبداء النصيحة الصادقة له وتخليصه من الآراء الوافدة والغريبة علينا وعلى ديننا ومجتمعنا ونحن بأمسّ الحاجة في هذا الزمن إلى اللحمة والاتحاد والاجتماع و إلى مناقشة أخطائنا فيما بيننا للسعي للإصلاح والتوجيه والصراحة والوضوح في المنهجية والدعوة في المقاصد لان غايتنا إقامة العدل الذي أمر الله به ، والذي لا يعدل في قوله فإنه يجور في فعله والمخاطبة بالحسنى لأنها تقرب القلوب والنفوس أما الخطاب السيئ فهو منفّر فاللين في القول والتعامل من أسباب وحدة الأمة ونحن بأمسّ الحاجة إلى تخليص مجتمعنا من كل الدعوات الباطلة والآراء المضللة والدعوات المشبوهة ومن كل الآراء الزائفة وبحاجة أن نوعي المجتمع توعية صالحة للتمسك بالدين قبل كل شئ ثم برعاية مجتمعهم ونشجع طلابنا أن يكونوا على مستوى المسؤولية في فهم الحق والهدى والامة بحاجة إلى شباب واع يحمل هذه المسؤولية بأمانة وصدق وإخلاص لينقلوها إلى من بعدهم فان المعلم في الجامعة يجب أن يتصوّر انه أمام الله يوم القيامة فيبذل جهدا كبيرا لعل الله يبعث خيرا في النفوس ويبعث جيلا يحملون هذه الامانة عنه بصدق وأمانة . إن أمانة الكلمة أمانة عظيمة و مسؤولية كبيرة فيجب أن نكون عدلا في أقوالنا وفي تخاطبنا ولابد أن يكون هناك اختلاف مع الآخرين ولا يمكن أن تعيش وحدك ولابد من وجهات نظر وان يكون المسلم ثابتا في مواقفه ويعامل الآخرين بالحسنى وان يناقش بأدب واحترام ويوصل كلمة الحق بنفس مطمئنة وخلق كريم حتى يبلغ الحق ويحذر من الباطل وان نكون أمة منتجة وفاهمة وواعية ومفكرة وأمة لديها الالتزام العادل . كما أكد سماحته على أعضاء هيئة التدريس بالجامعة على الاهتمام بالتوجيه والإصلاح لا بمجرد النقد والمعارضة ، لأني مسلم انطلق من إيماني الذي يحملني لحب الخير لإخواني المؤمنين يقول الله تعالى «إنما المؤمنون إخوة « ، «المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض « وحب الخير والصلاح لهم والاجتماع والتآلف والمحبة لإخواني وانصحهم وأعظهم وقال صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة « وقال لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ولابد لرجال التعليم والمعلمين ان يتقوا الله في هذا النشء تقوى صالحة تجعلهم يؤصلون حب الإيمان في النفوس وان يعلموا أنهم أمانة في أعناقنا وانه يجب أن نعطي هذا البلد حقه وان نحافظ عليه بكل ما نستطيع فهو بلد الإسلام وبوابة المسلمين وان نحميه ونعرف فضله وفضل قيادته التي جعلها الله قيادة خير والتي تقوم على المشروعات والجامعات .. والنعم يجب أن نحافظ عليها بكل أمانة لان الله سيسألنا عنها وان كلا منّا راع ومؤتمن فيجب أن نحافظ على المسؤولية ولا بد لنا من تعاون وحرص على جمع الكلمة وتلافي الأخطاء والسعي لإيصال الحق ويجب أن نحمي بلدنا من الطائفية والحزبية ومن كل ما يفرق الشمل وان نكون كالجسد الواحد يدور على الكتاب والسنة والقيم والأخلاق بالدين العظيم وان نكون يدا واحدة ولحمة واحدة ومدافعة الشرّ عنا ونحن في مجتمع آمن مستقر . ولابد من أعضاء هذه الجامعة من مدير ووكلاء و عمداء ومنسوبين أن ينهضوا لمسؤوليتهم وواجبهم نحو هذا المجتمع حماية لعقيدته وافكاره واتجاهه و أخلاقه وان يكونوا يدا واحدة ، يدعون إلى الحق والهدى وإني على ثقة بأنكم ستؤدون الواجب على أكمل حال ولكن كما قال الله تعالى «وذكّر فان الذكرى تنفع المؤمنين « واختتم حديثه بالدعاء إلى أن يوفقنا جميعا إلى ما يحبه ويرضاه وان ينصر دينه وأن يعلي كلمته وأن يجمعنا على طاعته ويقي المسلمين من الفتن والضلالات مقدما الشكر الجزيل لمدير الجامعة على هذه الدعوة وان نلتقي في مناسبات قادمة بإذن الله . بعد ذلك استقبل سماحته عددا من الاسئلة من أعضاء هيئة التدريس جاء منها كالتالي : استفسار حول إنشاء كلية للشريعة فأجاب سماحته أن وجود كلية للشريعة في مدينة الدمام أمر هام ،والمسلم بحاجة لها في كل أحواله. وقال الدكتورعبدالله الربيش : إن هذا الموضوع أمر متابع من قبل سماحته من عامين وهذا الموضوع تمت عليه مخاطبات فالطلب موجود لدى أمانة مجلس التعليم العالي وسيعرض على المجلس خلال الجلسات الثلاث المقبلة واكد على أن إنشاء واستحداث الكليات يخضع لآلية معينة للتعليم العالي وتعرض على المجالس المختصة بعدها تعرض على مجلس الجامعة ويرفع إلى أمانة التعليم العالي وهو الذي يعرض في جدولة الموضوع في اجتماعات مجلس التعليم العالي ويعرض للتقييم من جهات أخرى مثل وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية وهو منتهٍ تماما وستجدون ما يسركم قريبا بإذن الله . - وجاء استفسار عن تقديم كلمة للمبتعثين قال سماحته : يجب على المبتعثين أولاً تقوى الله وثانيا أن يكون على ثقة بدينه ويعلم انه مسلم متمسك بدينه وباخلاقه وبحسن أخلاقه مع الآخرين وليعلم أن هذا الدين دين فضائل وان يبتعد عن كل ما حرم الله . - مدير جامعة الدمام الدكتور عبدالله الربيش قال في كلمة بمناسبة زيارة مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل شيخ رئيس هيئة كبار العلماء رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء قال: أرحب بكم في مستهل هذا اللقاء الذي يجمعنا بشيخنا الفاضل واشكر لسماحته قبوله دعوة الجامعة ولقاءه بأبنائه أعضاء هيئة التدريس ولاشك أن تشريف سماحته للجامعة واختصاصه لها بهذه الزيارة يجعله يوما مميزا وحدثا مهمًا في تاريخ الجامعة وقد عرف عنه حفظه الله حرصه على الاجتماع بابنائه على اختلاف فئاتهم وتقديم لهم النصح والإرشاد وزيارته للجامعة هذا اليوم تأتي في نفس السياق . الإخوة الزملاء: لاشك بأننا في وقت كثر فيه الخطب والخلاف في مسائل عدة ونحن أحوج إلى الرأي الحصيف والحكمة العادلة ومشورة الخبير وإلى من يجلّي لنا المواقف ويبين لنا الغث و السمين ويعلو فيه الصوت الراشد ونحن في هذا اللقاء نتطلع إلى كلمة شاملة كاملة ناصحة منه حفظه الله بأسلوب إيماني وقرآني مميز القائم على التواصي بالحق واللين بالقول بارك الله فيكم يا سماحة الشيخ وفي علمكم وحكمتكم ونفع برأيكم وسدد خطاكم .