تقدمُ مواقع التواصل الاجتماعيِّ فرصةً سانحةً لخدمة اللغةِ العربية لما فيها من خصائص التفاعل اللحظي الحيّ وعناصر الجذب والتشويق، مع إمكانية التواقت الزمني التامّ، وإتاحة الفرصة للجميعِ.. فظهرت عدةُ محاولاتٍ فرديةٍ لخدمةِ اللغةِ العربية، من خلالِ حساباتٍ متنوعةٍ في مواقعِ التواصل الاجتماعي، وبخاصةٍ تويتر والفيس بك، يقودُها متخصّصون معروفون أو محبّون للغة.. وفي هذه المواقعِ خيرٌ كثير، وهي - في الجملة - تعملُ على تقريب الفصحى لعامّة الناس، وتيسيرِها، وخدمةِ اللهجات وتهذيبِها وتفصيحِها، والترجمة وتعريب المصطلحات، وفي بعض تلك الحسابات والمواقع عمقٌ علميٌّ واضح، فنشاهدُ حواراتٍ علميةً قويةً في حساباتٍ لغويةٍ معينة، أفاد منها كثير من المتابعين من غير المتخصصين، وأضحتْ تشكّل نواةً لمدرسةٍ لغويةٍ معاصرةٍ تُعنى بالرواية اللغوية والتأصيل والتحليل، للهجاتٍ عريقةٍ في المملكةِ العربيةِ السعودية، ومحاولة تأصيلِها وتحليلِها. ومن أبرزِ خصائصِ تلك المواقع: 1- الانتشارُ السريع، وتقبّلُ الناس لها، لسهولتِها ويسرها، ويبدو أنها ستأتي على البقيةِ الباقيةِ من حظوظِ الكتاب. 2- أنّ تلك المواقعَ التفاعليةَ تحولتْ إلى ما يشبهُ الصالونات العلميةَ والأدبيةَ والفكريةَ الحيّةَ والدائمةَ على مدار الساعة. 3- أنّ لدى تلك الحسابات من الخصائص الفنية ما يساعدُ على ممارسة رواية اللغة بمفهومِها المصطلحيِّ القديم، ويمكِنُ لها جمعُ اللهجات والألفاظِ والدلالات بطريقةٍ عصريةٍ ميسورةٍ مصحوبةٍ بالنقاش. 4- أنها تمتلكُ عناصرَ الجذب لعموم الناس، من متخصّصينَ وغير متخصصين، ومن الجنسين. 5- أنها أسهمتْ في تهذيب اللهجات وربطِها بالفصحى، ولفتتْ أنظارَ عامّة الناس إلى ما تحتَ أيديهم من كنوزٍ تبدو ملطخةً بوحلِ العاميّات. 6- أنها أزالتِ الفكرةَ المتأصلةَ في عقولِ الناس، المتمثّلةَ في الزعم أنّ دراسةَ العربية صعبةٌ، فأرتهم بطريقةٍ تطبيقيةٍ أن الدرسَ اللغويَّ قريبُ المتناول، وليس بمعزلٍ عنهم، ممّا يسهمُ في حلّ معضلةِ القصور العامِّ في دراسة النحو ويكسرُ حاجزَه النفسي. 7- أنها فعّلتِ التواصلَ العلميَّ بين المدارس اللغوية وأسهمتْ بشكلٍ كبيرٍ في تعارف المتخصصين، وتناقل المعرفة بينَهم، وقد تكونُ وسيلةً رائدةً للترابطِ الأكاديميِّ والتعاونِ المباشرِ مع المؤسسات التعليميةِ. العوائقُ والمشكلات: ثمةَ عقباتٌ ومشكلاتٌ إدارية ومالية وفنية وتنظيمية وأدبيات متفرقة وعوائقُ تواجهُ تلك الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، أجملُها في النُّقاطِ الآتية: 1- العشوائيةُ والافتقارُ إلى التنظيم وعدمُ وضوح الرسالة وضبابيةُ الرؤية لأغلب الحسابات الشخصية، فهي اجتهاداتٌ فرديةٌ ذاتيةٌ انطباعية. 2- الافتقارُ إلى العمل المؤسسيِّ الجماعيِّ المنظم، فالغالبيةُ العظمى من تلك الحساباتِ هي حساباتٌ شخصيةٌ فردية، تفتقرُ إلى التنظيم، مما يتطلبُ متابعةً مستمرةً وجهدًا كبيرًا، ليس في طاقة الأفراد. 3- عدمُ التفرغ لتلك الحسابات، وهي مأخوذةٌ على سبيلِ الهوايةِ وليس الاحتراف، وهذا شأنُ الأكثرية. 4- عزوفُ الأكاديميينَ المتخصصين في اللغةِ عن هذه المواقعِ وانغلاقُهم في قاعاتِ الدرس.. ويعتمد نجاح المواقع اللغويةِ غالبًا على التفاعل والمتابعة الدائمة، وأهلُ الاختصاصِ الذين ولجوا إلى هذا المجال لديهم من الالتزامات العلميةِ والأشغال ما يحولُ دونَ ذلك. 5- تفشي الأسماءِ المستعارة لدى المتابعين مما يحدُّ من مصداقيتِها، ويسلبُها شيئًا من الإحساس بالمسؤولة. (للحديث صلة) الجامعة الإسلامية - المدينةالمنورة الحساب في تويتر @sa2626sa