الجمعيات الخيرية باتت سمة من سمات بلادنا، انتشرت بشكل واسع، مع التحفّظ الشديد على إجراءات منح التصاريح لها وتأخيرها إلى درجة كبيرة. والواقع يتطلب أن تتوحد جهود تلك الجمعيات بحيث تصب مباشرة في الهدف المنشود؛ فمن الملاحظ هو الشتات الذي ينتاب ما تقوم به بعض الجمعيات، إلى درجة أنك تجد جمعية تقوم بأنشطة لا تقوم بها الجمعية الأم التي تتبع لها (وهذا يلحظه كل أحد نتيجة البيروقراطية المتبعة من قبل البعض في الوزارة لمنح التصريح لجمعيةٍ ما، مما يضطرها أن تكون تابعة لجمعية أخرى) والمفترض أن تكون جمعياتنا ذات جهود موحدة ومكثّفة في ذات الوقت، ولا يتأتى ذلك إلا بالتنسيق فيما بينها، وعلى الرغم من وجود مجالس تنسيقية إلا أن الملاحظ هو عدم تفعيل تلك المجالس فباتت عديمة الدور ولا فائدة من وجودها. والكلام ذاته ينصب على التوجهات فمن المفترض أن تكون لكل جمعية رؤية ورسالة وأهداف ينشدها القائمون عليها، ومن خلال هذه الزوايا الثلاث تنطلق الجمعية في أعمالها وبرامجها، ومن المشاهد هو كثرة التفرع وغياب الرؤية وبالتالي أصبحت الرسالة غير واضحة فنتج عن ذلك أهداف متشعبة غالبا ما تؤدي إلى فشل الجمعيات في تحقيق أي منها! هذه المقدمة الطويلة بعض الشيء جاءت تداعيا للملتقى السادس لجمعيات الزواج والأسرة والذي عُقد بالمدينة المنورة واختتمت فعالياته يوم أمس الأول الأربعاء، ونتج عنه توصيات كان لي معها وقفات من أهمها: الضرورة الماسة لإيجاد قسم للتوفيق بين الأزواج في كل جمعية وبطريقة حضارية بحيث يتم تزويج عدد كبير من شبابنا وفتياتنا.. وكم آلمني ذلك الرقم الذي بثّه الزميل الشيخ عدنان خطيري وأن الملفات تجاوزت 8000، ويرجى دعم القسم وبقوة وهو ما طالب به معالي وزير الشؤون الاجتماعية في الملتقى! وفيما يتعلق بالاستشارات فإن المفترض أن تقوم الجمعيات بتقديم هذا النوع من الخدمة التي يحتاجها كل بيت عن طريق الثقات من أهل الاختصاص، وفي ذلك قطع السبيل على بعض القنوات الفضائية التي باتت تشكل مصدر ابتزاز لمن يروم الاستشارة. وكم لفت الأنظار تركيز الملتقى على محورين أساسيين هما الإرشاد الأسري وتثقيف المقبلين على الزواج، وهما من الأهمية بمكان؛ فالأسر باتت متشتتة فلا تلتقي إلا من خلال برامج الحاسوب والجوالات الكفية، مما يعني ضرورة إرشادهم وتوجيههم لعودة الروح الاجتماعية وبيان أهمية اللقاءات المباشرة للأسرة، وأما المقبلون على الزواج فإن المرء يتمنى أن تكون البرامج التأهيلية إلزامية؛ فهي تُقدّم لهم بالمجان ولها انعكاس إيجابي كبير على حياة المتزوجين حديثا. ومن المهم مناقشة بعض المشكلات التي طرأت على مجتمعنا كالعنف الأسري والطلاق، وهنا أشيد بما تم نشره على موقع وزارة العدل والذي ينفي ما يذاع بين الحين والآخر من ارتفاع كبير لنسب الطلاق، وكذا الحال بالنسبة للعنف الأسري، وقد أكد الأمين العام لجمعية أسرتي الشيخ د.عبدالباري الثبيتي أن معلوماتهم تؤكد أن الطلاق والعنف الأسري في مجتمعنا هو في النسب المقبولة، وهي فرصة لمطالبة الجامعات ومراكز البحوث بالقيام بواجبها ودراسة هذين الملفين المهمين وبشكل علمي دقيق لقطع الطريق على كل داعي. وبشكل عام فإن توحيد التوجهات والاجتهادات في جمعياتنا يفترض أن يكون هدفا لوزارة الشؤون الاجتماعية بحيث تلتقي جميع الجمعيات لتحقيق الخيرية التي هي هدف الجميع، فهل يتحقق ذلك قريبا؟! [email protected]